الْوَارِثِ وَالْأَوْلَادِ قَرَابَةٌ تَقْتَضِي الْعِتْقَ، بِأَنْ كَانَ وَارِثُ الْمُوصَى لَهُ أَبَاهُ، عَتَقُوا عَلَيْهِ، وَإِلَّا، فَفِيهِ الْوَجْهَانِ السَّابِقَانِ، وَإِذَا لَمْ يَحْصُلِ الْعِتْقُ، فَهَلْ تُقْضَى دُيُونُ الْمُوصَى لَهُ مِنْهَا؟ أَمْ تُسَلَّمُ لِلْوَرَثَةِ؟ فِيهِ الْوَجْهَانِ السَّابِقَانِ أَيْضًا، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ.
الْبَابُ الثَّانِي فِي أَحْكَامِ الْوَصِيَّةِ الصَّحِيحَةِ
إِذَا جَمَعَتِ الْوَصِيَّةُ شُرُوطَ صِحَّتِهَا صَحَّتْ، ثُمَّ يُنْظَرُ فِي أَحْكَامِهَا، وَهِيَ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ: لَفْظِيَّةٌ، وَمَعْنَوِيَّةٌ، وَحِسَابِيَّةٌ.
(الْقِسْمُ) الْأَوَّلُ: اللَّفْظِيَّةُ، وَفِيهِ طَرَفَانِ.
(الطَّرَفُ) الْأَوَّلُ: فِي اللَّفْظِ الْمُسْتَعْمَلِ فِي الْمُوصَى بِهِ، وَفِيهِ مَسَائِلُ.
(الْمَسْأَلَةُ) الْأُولَى: إِذَا أَوْصَى بِجَارِيَةٍ حَامِلٍ، وَاسْتَثْنَى حَمْلَهَا لِنَفْسِهِ، صَحَّ، بِخِلَافِ الْبَيْعِ.
وَكَذَلِكَ تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِالْحَمْلِ وَحْدَهُ، بِشَرْطِهِ الْمُتَقَدِّمِ، بِخِلَافِ بَيْعِهِ.
وَلَوْ أَوْصَى بِالْحَمْلِ لِرَجُلٍ، وَبِالْأُمِّ لِآخَرَ، صَحَّتِ الْوَصِيَّتَانِ.
وَلَوْ أَطْلَقَ الْوَصِيَّةَ بِالْجَارِيَةِ، فَفِي دُخُولِ الْحَمْلِ فِيهَا وَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا عَلَى مَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ الْأَصْحَابِ: الدُّخُولُ، كَالْبَيْعِ، وَلَا تَبْعُدُ الْفَتْوَى، بِخِلَافِ الْبَيْعِ ; لِأَنَّ الْحَمْلَ لَا يَنْفَرِدُ بِالْبَيْعِ، فَجُعِلَ تَبَعًا، وَيُفْرَدُ بِالْوَصِيَّةِ، فَلَا يَتْبَعُ، وَلِأَنَّ الْأَصْلَ تَنْزِيلُ الْوَصِيَّةِ عَلَى الْمُتَيَقَّنِ؛ وَلِأَنَّهَا عَقْدٌ ضَعِيفٌ، فَلَا يُسْتَتْبَعُ.
فَإِنْ قُلْنَا بِدُخُولِهِ، لَمْ تَنْقَطِعِ الْوَصِيَّةُ بِانْفِصَالِ الْحَمْلِ، بَلْ يَبْقَى مُوصَى بِهِ، وَالِانْفِصَالُ زِيَادَةٌ حَدَثَتْ فِيهِ.
وَلَوْ أَوْصَى لَهُ بِالْحَمْلِ وَالْجَارِيَةِ مَعًا، صَحَّ فِيهِمَا قَطْعًا كَمَا لَوْ أَوْصَى بِهِمَا لِرَجُلَيْنِ.
(الْمَسْأَلَةُ) الثَّانِيَةُ: الطَّبْلُ أَنْوَاعٌ سَبَقَ بَيَانُهَا.
وَذَكَرْنَا أَنَّ طَبْلَ اللَّهْوِ إِنْ صَلُحَ لِمَنْفَعَةٍ مُبَاحَةٍ، إِمَّا عَلَى هَيْئَتِهِ، وَإِمَّا بَعْدَ التَّغْيِيرِ الَّذِي لَا يُبْطِلُ اسْمَ الطَّبْلِ،