لَا يُشْتَرَطُ لِإِطْلَاقِ اللَّفْظِ الْحِفْظُ، وَلَا قِرَاءَةُ جَمِيعِ الْقُرْآنِ، فَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: إِنْ كَانَ هُنَاكَ قَرِينَةٌ تُفْهِمُ أَحَدَ الْمَعْنَيَيْنِ، فَذَاكَ، وَإِلَّا، فَهُوَ كَمَا لَوْ أَوْصَى لِلْمَوَالِي.
قُلْتُ: الصَّوَابُ مَا رَجَّحَهُ الْأَصْحَابُ: أَنَّهُ لَا يُعْطَى إِلَّا مَنْ يَحْفَظُ الْجَمِيعَ.
وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
(الْمَسْأَلَةُ) الرَّابِعَةُ: أَوْصَى لِلْعُلَمَاءِ، أَوْ لِأَهْلِ الْعِلْمِ، صُرِفَ إِلَى الْعُلَمَاءِ بِعُلُومِ الشَّرْعِ، وَهِيَ: التَّفْسِيرُ، وَالْفِقْهُ، وَالْحَدِيثُ.
وَلَا يَدْخُلُ فِيهِ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ الْحَدِيثَ وَلَا عِلْمَ لَهُمْ بِطُرُقِهِ، وَلَا بِأَسْمَاءِ الرُّوَاةِ وَلَا بِالْمُتُونِ، فَإِنَّ السَّمَاعَ الْمُجَرَّدَ لَيْسَ بِعِلْمٍ.
وَلَا يَدْخُلُ أَيْضًا الْمُقْرِئُونَ وَعَابِرُو الرُّؤْيَا، وَلَا الْأُدَبَاءُ، وَالْأَطِبَّاءُ، وَالْمُنَجِّمُونَ، وَالْحُسَّابُ، وَالْمُهَنْدِسُونَ.
وَقَالَ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ: وَلَا يَدْخُلُ فِيهِ الْمُتَكَلِّمُونَ أَيْضًا، وَقَالَ الْمُتَوَلِّي: الْكَلَامُ يَدْخُلُ فِي الْعُلُومِ الشَّرْعِيَّةِ، وَهَذَا قَرِيبٌ.
فَرْعٌ: أَوْصَى لِلْفُقَهَاءِ أَوِ الْمُتَفَقِّهَةِ أَوِ الصُّوفِيَّةِ، فَهُوَ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ فِي الْوَقْفِ.
لَكِنْ فِي لَفْظِ الْبَغَوِيِّ: أَنَّهُ لَا يَقْنَعُ بِمَا سَبَقَ فِي تَفْسِيرِ الْفُقَهَاءِ ; لِأَنَّهُ قَالَ: لَوْ أَوْصَى لِلْفُقَهَاءِ، فَهُوَ لِمَنْ يَعْلَمُ عِلْمَ أَحْكَامِ الشَّرْعِ فِي كُلِّ نَوْعٍ شَيْئًا.
وَفِي التَّتِمَّةِ: أَنَّ الرُّجُوعَ فِيهِ إِلَى الْعَادَةِ.
ثُمَّ ذَكَرَ وَجْهًا أَنَّ مَنْ حَفِظَ أَرْبَعِينَ مَسْأَلَةً، فَهُوَ فَقِيهٌ وَهُوَ ضَعِيفٌ جِدًّا.
(الْمَسْأَلَةُ) الْخَامِسَةُ: أَوْصَى لِأَعْقَلِ النَّاسِ فِي بَلَدِهِ، صُرِفَ إِلَى أَزْهَدِهِمْ فِي الدُّنْيَا، نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
وَلَوْ أَوْصَى لِأَجْهَلِ النَّاسِ، حَكَى الرُّويَانِيُّ: أَنَّهُ يُصْرَفُ إِلَى عَبَدَةِ الْأَوْثَانِ.
فَإِنْ قَالَ: مِنَ الْمُسْلِمِينَ، قَالَ: مَنْ يَسُبُّ