فَعَنْ أَبِي إِسْحَاقَ: أَنَّ الْوَصِيَّةَ لِزَيْدٍ بَاطِلَةٌ ; لِأَنَّ وَصِيَّةَ عَمْرٍو اسْتَغْرَقَتِ الثُّلُثَ.
وَقَالَ الْجُمْهُورُ: لَا فَرْقَ بَيْنَ التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ، وَالْوَصِيَّةُ بِالْحَجِّ وَلِزَيْدٍ وَصِيَّةٌ بِثُلُثٍ آخَرَ، وَهَذَا شَخْصٌ أَوْصَى بِالثُّلُثَيْنِ، كَمَنْ أَوْصَى لِشَخْصٍ بِالثُّلُثِ، ثُمَّ أَوْصَى لِآخَرَ بِالثُّلُثِ، فَإِنَّهُ يُوَزَّعُ الثُّلُثُ عَلَيْهِمَا.
هَذَا كُلُّهُ تَفْرِيعٌ عَلَى أَنَّ الْحَجَّ لَا يُقَدَّمُ فِي الثُّلُثِ عَلَى سَائِرِ الْوَصَايَا.
فَأَمَّا إِذَا قَدَّمْنَاهُ، فَإِنْ كَانَ الثُّلُثُ ثَلَثَمِائَةٍ، وَالْمِائَةُ الْمُقَدَّرَةُ لِلْحَجِّ أُجْرَةُ مِثْلِ الْحَجِّ، أُخِذَتِ الْمِائَةُ مِنْ رَأْسِ الثُّلُثِ.
وَكَيْفَ يُقَسَّمُ الْبَاقِي بَيْنَ زَيْدٍ وَعَمْرٍو؟ قَالَ ابْنُ الْحَدَّادِ: نِصْفَيْنِ ; لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَوِ انْفَرَدَ مَعَ الْحَجِّ لَأَخَذَ مَا زَادَ عَلَى الْمِائَةِ.
وَغَلَّطَهُ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَالُوا: يُقَسَّمُ الْبَاقِي بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ وَصِيَّتِهِمَا.
وَالْوَصِيَّةُ لِزَيْدٍ بِالْبَاقِي، وَهُوَ مِائَتَانِ، وَلِعَمْرٍو بِالثُّلُثِ، وَهُوَ ثَلَثُمِائَةٍ، فَيُقَسَّمُ الْبَاقِي بَيْنَهُمَا عَلَى خَمْسَةٍ، لِزَيْدٍ ثَمَانُونَ، وَلِعَمْرٍو مِائَةٌ وَعِشْرُونَ.
وَلَوْ كَانَتِ الصُّوَرُ بِحَالِهَا، وَأُجْرَةُ مِثْلِ الْحَجِّ خَمْسُونَ، أُخِذَ مِنَ الثُّلُثِ خَمْسُونَ أَوَّلًا، ثُمَّ قَالَ ابْنُ الْحَدَّادِ: يُجْعَلُ الْبَاقِي نِصْفَيْنِ، نِصْفُهُ لِعَمْرٍو، وَنِصْفُهُ الْآخَرُ لِلْحَجِّ مِنْهُ خَمْسُونَ، وَبَاقِيهِ لِزَيْدٍ.
وَقَالَ الْجُمْهُورُ: بَلْ يُقَسَّمُ الْبَاقِي بَعْدَ أُجْرَةِ مِثْلِ الْحَجِّ عَلَى أَحَدَ عَشَرَ سَهْمًا ; لِأَنَّ وَصِيَّةَ عَمْرٍو فِي هَذِهِ الْحَالَةِ بِثَلَثِمِائَةٍ، وَلِلْحَجِّ وَزَيْدٍ بِمِائَتَيْنِ وَخَمْسِينَ، وَالنِّسْبَةُ بَيْنَهُمَا مَا ذَكَرْنَا، فَلِعَمْرٍو مَا يَخُصُّ سِتَّةً، وَالْبَاقِي يُقَدَّمُ الْحَجُّ مِنْهُ بِخَمْسِينَ، وَبَاقِيهِ لِزَيْدٍ.
وَلَوْ كَانَ الثُّلُثُ مِائَتَيْنِ، فَإِنْ كَانَتْ أُجْرَةُ مِثْلِ الْحَجِّ مِائَةً، أُخِذَتْ مِنْ رَأْسِ الثُّلُثِ، ثُمَّ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْحَدَّادِ: الْبَاقِي بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ، وَعِنْدَ الْجُمْهُورِ: يُجْعَلُ بَيْنَهُمَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَسْهُمٍ ; لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ لِزَيْدٍ بِمِائَةٍ، وَلِعَمْرٍو بِمِائَتَيْنِ.
وَإِنْ كَانَ أُجْرَةُ مِثْلِهِ خَمْسِينَ، أُخِذَتْ خَمْسُونَ أَوَّلًا، وَالْبَاقِي عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْحَدَّادِ بَيْنَ عَمْرٍو وَالْوَصِيَّتَيْنِ الْأُخْرَيَيْنِ نِصْفَيْنِ، ثُمَّ يُقَدَّمُ الْحَجُّ بِخَمْسِينَ مِنْ حِصَّتِهِمَا، وَعِنْدَ الْجُمْهُورِ: يُقَسَّمُ الْمَالُ بَعْدَ الْخَمْسِينَ عَلَى سَبْعَةِ أَسْهُمٍ،