فَلَوْ سَجَدَ عَلَى قُطْنٍ، أَوْ حَشِيشٍ، أَوْ شَيْءٍ مَحْشُوٍّ بِهِمَا، وَجَبَ أَنْ يَتَحَامَلَ حَتَّى يَنْكَبِسَ، وَيَظْهَرَ أَثَرُهُ عَلَى يَدٍ لَوْ فَرَضَتْ تَحْتَ ذَلِكَ الْمَحْشُوِّ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ، لَمْ يُجْزِئْهُ.
وَقَالَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ: عِنْدِي أَنَّهُ يَكْفِي إِرْخَاءُ رَأْسِهِ وَلَا يُقِلُّهُ، وَلَا حَاجَةَ إِلَى التَّحَامُلِ كَيْفَ فُرِضَ مَحَلَّ السُّجُودَ.
وَهَلْ يَجِبُ وَضْعُ الْيَدَيْنِ وَالرُّكْبَتَيْنِ وَالْقَدَمَيْنِ عَلَى مَوْضِعِ السُّجُودِ؟ قَوْلَانِ:
أَظْهَرُهُمَا: لَا يَجِبُ. فَإِنْ أَوْجَبْنَاهُ، كَفَى وَضْعُ جُزْءٍ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا، وَالِاعْتِبَارُ فِي الْيَدِ بِبَاطِنِ الْكَفِّ، وَفِي الرِّجْلَيْنِ بِبُطُونِ الْأَصَابِعِ، وَإِنْ قُلْنَا: لَا يَجِبُ، اعْتَمَدَ عَلَى مَا شَاءَ مِنْهُمَا، وَيَرْفَعُ مَا شَاءَ وَلَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَسْجُدَ مَعَ رَفْعِ الْجَمِيعِ. هَذَا هُوَ الْغَالِبُ، أَوِ الْمَقْطُوعُ بِهِ.
قُلْتُ: الْأَظْهَرُ: وُجُوبُ الْوَضْعِ. قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ فِي تَعْلِيقِهِ: إِذَا قُلْنَا: لَا يَجِبُ وَضْعُهَا، فَلَوْ أَمْكَنَهُ أَنْ يَسْجُدَ عَلَى الْجَبْهَةِ وَحْدَهَا أَجْزَأَهُ، وَكَذَا قَالَ صَاحِبُ (الْعُدَّةِ) : لَوْ لَمْ يَضَعْ شَيْئًا مِنْهَا، أَجْزَأَهُ.
وَمِنْ صُوَرِ رَفْعِهَا كُلِّهَا إِذَا رَفَعَ الرُّكْبَتَيْنِ وَالْقَدَمَيْنِ، وَوَضَعَ ظَهْرَ الْكَفَّيْنِ، أَوْ حَرَّفَهُمَا فَإِنَّهُ فِي حُكْمِ رَفْعِهِمَا. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَلَا يَجِبُ وَضْعُ الْأَنْفِ عَلَى الْأَرْضِ. قُلْتُ: وَحَكَى صَاحِبُ (الْبَيَانِ) قَوْلًا غَرِيبًا أَنَّهُ يَجِبُ وَضْعُ الْأَنْفِ مَعَ الْجَبْهَةِ مَكْشُوفًا. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَيَجِبُ أَنْ يَكْشِفَ مِنَ الْجَبْهَةِ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ الِاسْمُ، فَيُبَاشِرَ بِهِ مَوْضِعَ السُّجُودِ، وَإِنَّمَا يَحْصُلُ الْكَشْفُ إِذَا لَمْ يَحُلْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَوْضِعِ السُّجُودِ حَائِلٌ مُتَّصِلٌ بِهِ يَرْتَفِعُ بِارْتِفَاعِهِ، فَلَوْ سَجَدَ عَلَى طَرَفِ عِمَامَتِهِ، أَوْ ذَيْلِهِ الْمُتَحَرِّكِ بِحَرَكَتِهِ، لَمْ يَصِحَّ، وَإِنْ لَمْ يَتَحَرَّكْ بِحَرَكَتِهِ قِيَامًا وَقُعُودًا، أَجْزَأَهُ.
قُلْتُ: لَوْ كَانَ عَلَى جَبْهَتِهِ جِرَاحَةٌ فَعَصَبَهَا وَسَجَدَ عَلَى الْعِصَابَةِ أَجْزَأَهُ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute