للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثَّمَنِ عَلَى الْبَائِعِ، نَفَذَ الْعِتْقُ وَبَطَلَتِ الْمُحَابَاةُ، وَالْبَائِعُ يَأْخُذُ قَدْرَ قِيمَةِ الْعَبْدِ بِلَا زِيَادَةٍ ; لِأَنَّ الْمُحَابَاةَ فِي الشِّرَاءِ كَالْهِبَةِ، فَإِذَا لَمْ تَكُنْ مَقْبُوضَةً حَتَّى جَاءَ مَا هُوَ أَقْوَى مِنْهَا وَهُوَ الْعِتْقُ، أَبْطَلَهَا.

وَإِنْ كَانَ بَعْدَ تَوْفِيَةِ الثَّمَنِ، بَطَلَ الْعِتْقُ ; لِأَنَّ الْمُحَابَاةَ الْمَقْبُوضَةَ اسْتَغْرَقَتِ الثُّلُثَ.

قَالَ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ: قَدْ أَكْثَرَ ابْنُ الْحَدَّادِ التَّبَجُّحَ بِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَهُوَ غَالِطٌ فِيهَا عِنْدَ الْأَصْحَابِ كُلِّهِمْ، وَقَالُوا: لَا فَرْقَ فِي الْمُحَابَاةِ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ مَقْبُوضَةً أَوْ لَا تَكُونَ؛ لِأَنَّهَا مُتَعَلِّقُهَا بِالْمُعَاوَضَةِ، وَالْمُعَاوَضَاتُ تَلْزَمُ بِنَفْسِ الْعَقْدِ، وَلِهَذَا يَتَمَكَّنُ الْوَاهِبُ مِنْ إِبْطَالِ الْهِبَةِ قَبْلَ الْقَبْضِ، وَلَا يَتَمَكَّنُ مِنْ إِبْطَالِ الْمُحَابَاةِ، وَالْحُكْمُ فِي الْحَالَتَيْنِ تَصْحِيحُ الْمُحَابَاةِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَإِبْطَالُ الْعِتْقِ الْمُتَأَخِّرِ.

قَالَ: وَأَمَّا قَوْلُهُ: يَأْخُذُ الْبَائِعُ قِيمَةَ الْعَبْدِ بِلَا زِيَادَةٍ، فَهَذَا لَا يَجُوزُ أَنْ يُلْزَمَ وَيُكَلَّفَ بِهِ ; لِأَنَّهُ لَمْ يَزُلْ مِلْكُهُ إِلَّا بِعِشْرِينَ، لَكِنْ يُخَيَّرُ بَيْنَ مَا ذَكَرَهُ وَبَيْنَ أَنْ يَفْسَخَ الْبَيْعَ وَيُبْطِلَ الْعِتْقَ.

فَرْعٌ: بَاعَ مَرِيضٌ قَفِيزَ حِنْطَةٍ قِيمَتُهُ خَمْسَةَ عَشَرَ لِأَخِيهِ بِقَفِيزٍ قِيمَتُهُ خَمْسَةٌ، فَمَاتَ أَخُوهُ قَبْلَهُ، وَخَلَّفَ بِنْتًا وَأَخَاهُ الْبَائِعُ، ثُمَّ مَاتَ الْبَائِعُ وَلَا مَالَ لَهُمَا سِوَى الْقَفِيزَيْنِ، صَحَّ الْبَيْعُ فِي شَيْءٍ مِنَ الْقَفِيزِ الْجَيِّدِ، وَيَرْجِعُ بِالْعِوَضِ ثُلُثَ شَيْءٍ، يَبْقَى مَعَهُ قَفِيزٌ إِلَّا ثُلُثَيْ شَيْءٍ، فَالْمُحَابَاةُ بِثُلُثَيْ شَيْءٍ، وَيَحْصُلُ مَعَ الْمُشْتَرِي [شَيْءٌ] مِنَ الْقَفِيزِ الْجَيِّدِ، وَالْبَاقِي مِنْ قَفِيزِهِ وَهُوَ قِيمَةُ الْقَفِيزِ الْجَيِّدِ ثُلُثُ قَفِيزٍ إِلَّا ثُلُثَ شَيْءٍ، فَهُمَا مَعًا ثُلُثُ قَفِيزٍ وَثُلُثَا شَيْءٍ، يَرْجِعُ نِصْفُهُ بِالْإِرْثِ إِلَى الْبَائِعِ وَهُوَ سُدُسُ قَفِيزٍ وَثُلُثُ شَيْءٍ، فَتَزِيدُهُ عَلَى مَا كَانَ لِلْبَائِعِ، فَالْمَبْلَغُ قَفِيزٌ وَسُدُسُ قَفِيزٍ إِلَّا ثُلُثَ شَيْءٍ، وَهَذَا يَعْدِلُ ضِعْفَ الْمُحَابَاةِ، وَهُوَ شَيْءٌ وَثُلُثُ شَيْءٍ، فَتَجْبُرُ وَتُقَابِلُ، فَقَفِيزٌ وَسُدُسُ قَفِيزٍ تَعْدِلُ شَيْئًا وَثُلُثَا شَيْءٍ، فَتَبْسُطُهُمَا أَسْدَاسًا، وَتَقْلِبُ الِاسْمَ، فَالْقَفِيزُ

<<  <  ج: ص:  >  >>