فَحَقُّهُ مُنْحَصِرٌ فِيهِ، فَمَا نَضَّ دُفِعَ إِلَيْهِ. وَلَوْ أَوْصَى بِثُلُثِ الدَّيْنِ، فَوَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ مَا نَضَّ مِنْهُ يُضَمُّ إِلَى الْعَيْنِ. فَإِنْ كَانَ مَا نَضَّ ثُلُثَ الْجَمِيعِ أَوْ أَقَلَّ، دُفِعَ إِلَى الْمُوصَى لَهُ. وَأَصَحُّهُمَا: أَنَّهُ كُلَّمَا نَضَّ مِنْهُ شَيْءٌ، دُفِعَ ثُلُثُهُ إِلَى الْمُوصَى لَهُ وَثُلُثَاهُ إِلَى الْوَرَثَةِ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ شَائِعَةٌ فِي الدَّيْنِ.
إِذَا تَقَرَّرَ هَذَا، فَالدَّيْنُ الْمُخَلَّفُ مَعَ الْعَيْنِ مِنْ جِنْسِهِ وَنَوْعِهِ، إِمَّا أَنْ يَكُونَ عَلَى وَارِثٍ، [وَإِمَّا عَلَى أَجْنَبِيٍّ، وَإِمَّا عَلَيْهِمَا.
أَمَّا الْقِسْمُ الْأَوَّلُ: عَلَى وَارِثٍ] ، فَنَصِيبُهُ مِنْ جُمْلَةِ التَّرِكَةِ، إِمَّا أَنْ يَكُونَ مِثْلَ مَا عَلَيْهِ مِنَ الدَّيْنِ، وَإِمَّا أَكْثَرَ، وَإِمَّا أَقَلَّ.
الْحَالَةُ الْأُولَى: أَنْ يَكُونَ مِثْلَهُ، فَتُصَحَّحُ الْمَسْأَلَةُ، وَيُطْرَحُ مِمَّا صَحَّتْ مِنْهُ نَصِيبُ الْمَدِينِ، وَتُقَسَّمُ الْعَيْنُ عَلَى سِهَامِ الْبَاقِينَ، وَلَا يُدْفَعُ إِلَى الْمَدِينِ شَيْءٌ، وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهُ شَيْءٌ.
مِثَالُهُ: زَوْجٌ وَثَلَاثَةُ بَنِينَ، وَتَرَكَ خَمْسَةً دَيْنًا عَلَى ابْنٍ، وَخَمْسَةَ عَشَرَ عَيْنًا، فَجُمْلَةُ التَّرِكَةِ عِشْرُونَ، نَصِيبُ كُلِّ ابْنٍ خَمْسَةٌ، وَمَا عَلَى الْمَدِينِ مِثْلَ نَصِيبِهِ، فَتُصَحَّحُ الْمَسْأَلَةُ مِنْ أَرْبَعَةٍ، وَيُطْرَحُ مِنْهَا نَصِيبُ ابْنٍ، يَبْقَى ثَلَاثَةٌ، تُقَسَّمُ الْعَيْنُ عَلَيْهَا، نَصِيبُ كُلِّ وَاحِدٍ خَمْسَةٌ، وَنَصِيبُ الْمَدِينِ يَقَعُ قِصَاصًا، كَذَا أَطْلَقُوهُ.
قَالَ الْإِمَامُ: هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى مَا إِذَا رَضِيَ الْمَدِينُ بِذَلِكَ، أَوْ كَانَ جَاحِدًا، أَوْ مُعْسِرًا. وَعَلَى هَذَا يُنَزَّلُ الْجَوَابُ الْمُطْلَقُ فِي جَمِيعِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ.
الْحَالَةُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يَكُونَ نَصِيبُهُ أَكْثَرَ مِمَّا عَلَيْهِ، فَتُقَسَّمُ التَّرِكَةُ بَيْنَهُمْ، فَمَا أَصَابَ الْمَدِينُ، طُرِحَ مِنْهُ مَا عَلَيْهِ، وَيُعْطَى الْبَاقِي مِنَ الْعَيْنِ.
الثَّالِثَةُ: أَنْ يَكُونَ نَصِيبُهُ أَقَلَّ، فَيُطْرَحُ مِنَ الْمَسْأَلَةِ نُصِيبُهُ، وَتُقَسَّمُ الْعَيْنُ عَلَى الْبَاقِي، فَمَا خَرَجَ مِنَ الْقِسْمَةِ، يُضْرَبُ فِي نَصِيبِ الْمَدِينِ الَّذِي طُرِحَ، فَمَا بَلَغَ، فَهُوَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute