الَّذِي لَا دَيْنَ عَلَيْهِ، يَأْخُذُ ثُلُثًا إِرْثًا، وَالثُّلُثَ قِصَاصًا، فَيَبْرَأُ الْمَدِينُ مِنْ ثُلُثَيِ الدَّيْنِ بِالْإِرْثِ وَالْمُقَاصَّةِ، يَبْقَى عَلَيْهِ ثُلُثُ الدَّيْنِ، يَأْخُذُهُ الْمُوصَى لَهُ.
الْقِسْمُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ الدَّيْنُ عَلَى أَجْنَبِيٍّ، فَيُنْظَرُ: إِنْ لَمْ يَكُنْ وَصِيَّةً، اشْتَرَكَتِ الْوَرَثَةُ فِي الْعَيْنِ وَالدَّيْنِ، وَإِنْ كَانَتْ، فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ لِغَيْرِ الْمَدِينِ، وَإِمَّا لَهُ، وَإِمَّا لَهُمَا.
فَإِنْ كَانَتْ لِغَيْرِهِ، بِأَنْ خَلَفَ ابْنَيْنِ، وَتَرَكَ عَشَرَةً عَيْنًا وَعَشَرَةً دَيْنًا عَلَى زَيْدٍ، وَأَوْصَى لِعَمْرٍو بِثُلُثِ مَالِهِ، فَالِابْنَانِ وَعَمْرٍو يَقْتَسِمُونَ الْعَيْنَ أَثْلَاثًا، وَكُلَّمَا حُصِّلَ مِنَ الدَّيْنِ شَيْءٌ اقْتَسَمُوهُ كَذَلِكَ. وَلَوْ قَيَّدَ الْوَصِيَّةَ بِثُلُثِ الدَّيْنِ، اقْتَسَمَ الِابْنَانِ الْعَيْنَ. وَأَمَّا الدَّيْنُ، فَقَدْ ذَكَرْنَا فِيهِ وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْحَاصِلَ مِنْهُ الدَّيْنُ، يُضَمُّ إِلَى الْعَيْنِ وَيُدْفَعُ ثُلُثُ الدَّيْنِ مِمَّا حَصَّلَ إِلَى زَيْدٍ، وَيُسَمَّى: وَجْهَ الْحَصْرِ، لِأَنَّهُ حَصَرَ حَقَّ الْمُوصَى لَهُ فِيمَا يُتَنَجَّزُ مِنَ الدَّيْنِ. وَأَصَحُّهُمَا: أَنَّ مَا يُحَصَّلُ مِنَ الدَّيْنِ يُدْفَعُ إِلَى زَيْدٍ ثُلُثُهُ، وَيُسَمَّى: وَجْهَ الشُّيُوعِ. وَإِنْ كَانَتِ الْوَصِيَّةُ لِلْمَدِينِ، نُظِرَ فِيمَا يَسْتَحِقُّهُ بِالْوَصِيَّةِ، أَهُوَ مِثْلُ الدَّيْنِ، أَمْ أَقَلُّ، أَمْ أَكْثَرُ؟ وَيُقَاسُ بِمَا ذَكَرْنَا فِيمَا إِذَا كَانَ الدَّيْنُ عَلَى وَارِثٍ.
وَإِنْ كَانَتِ الْوَصِيَّةُ لَهُمَا، بِأَنْ أَوْصَى - وَالصُّورَةُ مَا سَبَقَ - لِعَمْرٍو بِثُلُثِ الْعَيْنِ، وَلِزَيْدٍ بِمَا عَلَيْهِ، وَرَدَّ الِابْنَانِ الْوَصِيَّتَيْنِ إِلَى الثُّلُثِ، فَيَكُونُ الثُّلُثُ بَيْنَهُمَا عَلَى أَرْبَعَةٍ، لِعَمْرٍو سَهْمٌ، وَلِزَيْدٍ ثَلَاثَةٌ، فَعَلَى قَوْلِ ابْنِ سُرَيْجٍ: الْفَرِيضَةُ الْجَامِعَةُ مِنِ اثْنَيْ عَشَرَ، لِلْوَصِيَّتَيْنِ أَرْبَعَةٌ، وَلِلِابْنَيْنِ ثَمَانِيَةٌ، فَيَقْتَسِمُ عَمْرٌو وَالِابْنَانِ الْعَيْنَ عَلَى قَدْرِ سِهَامِهِمْ وَهِيَ تِسْعَةٌ، لِعَمْرٍو سَهْمٌ وَتُسْعٌ، وَلِكُلِّ ابْنٍ أَرْبَعَةٌ وَأَرْبَعَةُ أَتْسَاعٍ، وَيَبْرَأُ زَيْدٌ مِنْ ثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ الثُّلُثِ وَهِيَ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ، يَبْقَى عَلَيْهِ خَمْسَةٌ، كُلَّمَا أَدَّى شَيْئًا كَانَ بَيْنَ عَمْرٍو وَالِابْنَيْنِ عَلَى تِسْعَةٍ، فَيَحْصُلُ لِعَمْرٍو خَمْسَةُ أَتْسَاعِ دِرْهَمٍ، فَيَتِمُّ لَهُ رُبْعُ الثُّلُثِ وَهُوَ دِرْهَمٌ وَثُلْثَانِ، وَلِلِابْنَيْنِ الْبَاقِي. ثُمَّ لِيَكُنِ الْمَصْرُوفُ إِلَى عَمْرٍو عِنْدَ خُرُوجِ الدَّيْنِ مِنْ نَفْسِ الْعَيْنِ إِنْ كَانَتْ بَاقِيَةً.
وَعَلَى الْوَجْهِ الْمَنْسُوبِ إِلَى أَبِي ثَوْرٍ: لِعَمْرٍو رُبُعُ الثُّلُثِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute