فَرْعٌ
أَوْصَى بِصَاعِ حِنْطَةٍ بِعَيْنِهِ، ثُمَّ خَلَطَهُ بِحِنْطَةٍ، فَرُجُوعٌ. قَالَ أَبُو زَيْدٍ: إِنْ خَلَطَهُ بِأَجْوَدَ، فَرُجُوعٌ، وَإِلَّا فَلَا. وَالْأَوَّلُ هُوَ الصَّحِيحُ الْمَنْصُوصُ. وَلَوْ أَوْصَى بِصَاعٍ مِنْ صَبْرَةٍ، ثُمَّ خَلَطَهَا بِمِثْلِهَا، فَلَيْسَ بِرُجُوعٍ؛ لِأَنَّ الْمُوصَى بِهِ كَانَ مَخْلُوطًا شَائِعًا، فَلَا تَضُرُّ زِيَادَةُ الْخَلْطِ. وَإِنْ خَلَطَ بِأَجْوَدَ، فَرُجُوعٌ، وَبِالْأَرْدَإِ، لَيْسَ بِرُجُوعٍ عَلَى الْأَصَحِّ. وَلَوِ اخْتَلَطَتْ بِنَفْسِهَا بِالْأَجْوَدِ، فَعَلَى الْخِلَافِ السَّابِقِ فِي نَظَائِرِهِ. وَإِذَا أَبْقَيْنَا الْوَصِيَّةَ، فَالزِّيَادَةُ الْحَاصِلَةُ بِالْجَوْدَةِ غَيْرُ مُتَمَيِّزَةٍ، فَتَدْخُلُ فِي الْوَصِيَّةِ.
وَلَوْ أَوْصَى بِصَاعٍ مِنْ حِنْطَةٍ، وَلَمْ يُعَيِّنِ الصَّاعَ، وَلَا وَصَفَ الْحِنْطَةَ، فَلَا أَثَرَ لِلْخَلْطِ، وَيُعْطِيهِ الْوَارِثُ مِمَّا شَاءَ مِنْ حِنْطَةِ التَّرِكَةِ. وَلَوْ وَصَفَهَا وَقَالَ: مِنْ حِنْطَتِي الْفُلَانِيَّةِ، فَالْوَصْفُ مَرْعِيٌّ. فَإِنْ بَطَلَ بِالْخَلْطِ، بَطَلَتِ الْوَصِيَّةُ. وَإِنْ قَالَ: مِنْ مَالِي، حَصَّلَهُ الْوَارِثُ.
أَوْصَى بِمَنْفَعَةِ عَبْدٍ أَوْ دَارٍ سَنَةً، ثُمَّ أَجَّرَ الْمُوصَى بِهِ سَنَةً مَثَلًا، فَإِنْ مَاتَ بَعْدَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ، فَالْوَصِيَّةُ بِحَالِهَا. وَإِنْ مَاتَ قَبْلَهُ، فَوَجْهَانِ: أَصَحُّهُمَا: أَنَّهُ إِنِ انْقَضَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ قَبْلَ سَنَةٍ مِنْ يَوْمِ الْمَوْتِ، كَانَتِ الْمَنْفَعَةُ بَقِيَّةَ السَّنَةِ لِلْمُوصَى لَهُ، وَتَبْطُلُ الْوَصِيَّةُ فِيمَا مَضَى. وَإِنِ انْقَضَتْ بَعْدَ سَنَةٍ مِنْ يَوْمِ الْمَوْتِ، بَطَلَتِ الْوَصِيَّةُ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَحَقَّ لِلْمُوصَى لَهُ مَنْفَعَةُ السَّنَةِ الْأُولَى، فَإِذَا انْصَرَفَتْ إِلَى جِهَةٍ، بَطَلَتِ الْوَصِيَّةُ.
وَالثَّانِي: أَنَّهُ يُسْتَأْنَفُ لِلْمُوصَى لَهُ سَنَةٌ مِنْ يَوْمِ انْقِضَاءِ الْإِجَارَةِ، فَإِنْ كَانَ الْمُوصِي قَيَّدَ وَصِيَّتَهُ بِالسَّنَةِ الْأُولَى، وَجَبَ أَنَّهُ لَا يَجِيءُ الْخِلَافُ. وَلَوْ لَمْ يُسَلِّمِ الْوَارِثَ حَتَّى انْقَضَتْ سَنَةٌ بِلَا عُذْرٍ، فَمُقْتَضَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ يَغْرَمُ قِيمَةَ الْمَنْفَعَةِ، وَمُقْتَضَى الثَّانِي تَسْلِيمُ سَنَةٍ أُخْرَى.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute