كَمَا إِذَا أَرَادَ السَّفَرَ. وَفِي التَّهْذِيبِ: أَنَّهُ يَكْفِيهِ الْوَصِيَّةُ وَإِنْ أَمْكَنَ الرَّدُّ إِلَى الْمَالِكِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي مَتَى يَمُوتُ.
الثَّانِي: أَنْ يُوصِيَ إِلَى أَمِينٍ. فَإِذَا أَوْصَى إِلَى فَاسِقٍ، كَانَ كَمَا لَوْ لَمْ يُوصِ، فَيَضْمَنُ، وَلَا بَأْسَ بِأَنْ يُوصِيَ إِلَى بَعْضِ وَرَثَتِهِ، وَكَذَا الْإِيدَاعُ حَيْثُ يَجُوزُ أَنْ يُودِعَ أَمِينًا.
الثَّالِثُ: أَنْ يُبَيِّنَ الْوَدِيعَةَ وَيُمَيِّزَهَا عَنْ غَيْرِهَا بِإِشَارَةٍ إِلَيْهَا، أَوْ بِبَيَانِ جِنْسِهَا وَصِفَتِهَا. فَلَوْ لَمْ يُبَيِّنِ الْجِنْسَ، بَلْ قَالَ: عِنْدِي وَدِيعَةٌ، فَهُوَ كَمَا لَوْ لَمْ يُوصِ.
فَرْعٌ
لَوْ ذَكَرَ الْجِنْسَ فَقَالَ: عِنْدِي ثَوْبٌ لِفُلَانٍ، نُظِرَ إِنْ لَمْ يُوجَدْ فِي تَرِكَتِهِ ثَوْبٌ، فَهَلْ يَضْمَنُ؟ وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا عِنْدَ جَمَاهِيرِ الْأَصْحَابِ: يَضْمَنُ، لِتَقْصِيرِهِ فِي الْبَيَانِ، فَيُضَارِبُ صَاحِبُ الْوَدِيعَةِ بِقِيمَتِهَا مَعَ الْغُرَمَاءِ. وَإِنْ وُجِدَ فِي تَرِكَتِهِ أَثْوَابٌ، ضَمِنَ قَطْعًا؛ لِأَنَّهُ إِذَا لَمْ يُمَيِّزْ، فَكَأَنَّهُ خَلَطَ الْوَدِيعَةَ. وَإِنْ وُجِدَ ثَوْبٌ وَاحِدٌ، ضَمِنَ أَيْضًا عَلَى الْأَصَحِّ، وَلَا يُدْفَعُ إِلَيْهِ الثَّوْبُ الْمَوْجُودُ. وَقِيلَ: يَتَعَيَّنُ الثَّوْبُ الْمَوْجُودُ، وَبِهِ قَطَعَ الْبَغَوِيُّ وَالْمُتَوَلِّي. وَفِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ وَجْهٌ: أَنَّهُ إِنَّمَا يَضْمَنُ إِذَا قَالَ: عِنْدِي ثَوْبٌ لِفُلَانٍ، وَذَكَرَ مَعَهُ مَا يَقْتَضِي الضَّمَانَ. فَأَمَّا إِذَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ، فَلَا ضَمَانَ.
قَالَ الْإِمَامُ: إِذَا لَمْ يُوصِ أَصْلًا، فَادَّعَى صَاحِبُ الْوَدِيعَةِ أَنَّهُ قَصَّرَ، وَقَالَ الْوَرَثَةُ: لَعَلَّهَا تَلِفَتْ قَبْلَ أَنْ يُنْسَبَ إِلَى التَّقْصِيرِ، فَالظَّاهِرُ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute