الْأَمْرُ الثَّانِي: إِنْ عَلَفَهَا وَسَقَاهَا فِي دَارِهِ، أَوِ اصْطَبْلِهِ، حَيْثُ تُعْلَفُ وَتُسْقَى دَوَابُّهُ. فَقَدْ وَفَّى بِالْحِفْظِ. وَإِنْ أَخْرَجَهَا مِنَ الْمَوْضِعِ، فَإِنْ كَانَ يَفْعَلُ كَذَلِكَ مَعَ دَوَابِّهِ لِضِيقٍ وَغَيْرِهِ، فَلَا ضَمَانَ. وَإِنْ كَانَ لِيَسْقِيَ دَوَابَّهُ فِيهِ، فَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي الْمُخْتَصَرِ: وَإِنْ أَخْرَجَهَا إِلَى غَيْرِ دَارِهِ وَهُوَ يَسْقِي فِي دَارِهِ، ضَمِنَ. وَقَالَ الْإِصْطَخْرِيُّ بِظَاهِرِهِ وَأَطْلَقَ وُجُوبَ الضَّمَانِ.
وَقَالَتْ طَائِفَةٌ. هَذَا إِذَا كَانَ الْمَوْضِعُ أَحْرَزَ. فَإِنْ تَسَاوَيَا، فَلَا ضَمَانَ. وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ وَآخَرُونَ: هَذَا إِذَا كَانَ فِي الْإِخْرَاجِ خَوْفٌ. فَإِنْ لَمْ يَكُنْ، لَمْ يَضْمَنْ، لِاطِّرَادِ الْعَادَةِ، وَهَذَا هُوَ الْأَصَحُّ. ثُمَّ إِنْ تَوَلَّى السَّقْيَ وَالْعَلْفَ بِنَفْسِهِ - أَوْ أَمَرَ بِهِ صَاحِبَهُ وَغُلَامَهُ وَهُوَ حَاضِرٌ لَمْ تَزُلْ يَدُهُ - فَذَاكَ، وَإِنْ بَعَثَهَا عَلَى يَدِ صَاحِبِهِ لِيَسْقِيَهَا، أَوْ أَمَرَهُ بِعَلْفِهَا وَأَخْرَجَهَا مِنْ يَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ صَاحِبُهَا أَمِينًا، ضَمِنَ، وَإِلَّا فَلَا عَلَى الْأَصَحِّ، لِلْعَادَةِ. قَالَ فِي ((الْوَسِيطِ)) : وَالْوَجْهَانِ فِيمَنْ يَتَوَلَّى بِنَفْسِهِ فِي الْعَادَةِ، فَأَمَّا غَيْرُهُ، فَلَا يَضْمَنُ قَطْعًا.
فَرْعٌ
إِذَا كَانَ النَّهْيُ عَنِ الْعَلْفِ لِعِلَّةٍ تَقْتَضِيهِ، كَالْقُولَنْجِ، فَعَلَفَهَا قَبْلَ زَوَالِ الْعِلَّةِ فَمَاتَتْ، ضَمِنَ.
الْعَبْدُ الْمَوْدُوعُ، كَالْبَهِيمَةِ فِي الْأَحْوَالِ الْمَذْكُورَةِ. وَلَوْ أَوْدَعَهُ نَخِيلًا، فَوَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: سَقْيُهَا كَسَقْيِ الدَّابَّةِ. وَالثَّانِي: لَا يَضْمَنُ بِتَرْكِ السَّقْيِ إِذَا لَمْ يَأْمُرْهُ بِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute