للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بَعْدَ التَّمَكُّنِ مِنَ الرَّدِّ، ضَمِنَ عَلَى الْأَصَحِّ. فَإِنْ لَمْ يَجِدِ الْوَرَثَةَ، رَدَّ إِلَى الْحَاكِمِ. وَقَيَّدَ فِي الْعُدَّةِ هَذَا الْجَوَابَ بِمَا إِذَا لَمْ تَعْلَمِ الْوَرَثَةُ بِالْوَدِيعَةِ، أَمَّا إِذْ عَلِمُوا، فَلَا يَجِبُ الرَّدُّ إِلَّا بَعْدَ طَلَبِهِمْ.

وَلَوْ طَالَبَهُ الْوَارِثُ فَقَالَ: رَدَدْتُهُ عَلَى الْمَالِكِ، أَوْ تَلِفَ فِي يَدِي فِي حَيَاتِهِ، صُدِّقَ بِيَمِينِهِ. وَإِنْ قَالَ: رَدَدْتُهُ عَلَيْكَ، فَأَنْكَرَ، فَالْمُصَدَّقُ الْوَارِثُ. وَإِنْ قَالَ: تَلِفَ فِي يَدِي قَبْلَ تَمَكُّنِي مِنَ الرَّدِّ، فَهَلِ الْمُصَدَّقُ الْوَارِثُ كَدَعْوَى الرَّدِّ؟ أَمِ الْمُودَعُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَتُهُ؟ وَجْهَانِ.

قُلْتُ: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الثَّانِي أَصَحَّ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[الصُّورَةُ] الثَّانِيَةُ: مَاتَ الْمُودَعُ، فَعَلَى وَارِثِهِ رَدُّهَا. فَإِنْ تَلِفَتْ فِي يَدِهِ بَعْدَ التَّمَكُّنِ، ضَمِنَ عَلَى الْأَصَحِّ. فَإِنْ كَانَ الْمَالِكُ غَائِبًا، سَلَّمَهَا إِلَى الْحَاكِمِ. فَلَوْ تَنَازَعَا، فَقَالَ وَارِثُ الْمُودَعِ: رَدَّ عَلَيْكَ مُوَرِّثِي، أَوْ تَلِفَتْ فِي يَدِهِ، قَالَ الْمُتَوَلِّي: لَمْ يُقْبَلْ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ. وَقَالَ الْبَغَوِيُّ: يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ، وَهُوَ الْوَجْهُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ حُصُولِهَا فِي يَدِهِ. وَلَوْ قَالَ: رَدَدْتُهَا عَلَيْكَ، فَالْمُصَدَّقُ الْمَالِكُ. وَلَوْ قَالَ: تَلِفَتْ فِي يَدِي قَبْلَ التَّمَكُّنِ، فَعَلَى الْوَجْهَيْنِ.

[الصُّورَةُ] الثَّالِثَةُ: [لَوْ] قَالَ مَنْ طَيَّرَتِ الرِّيحُ ثَوْبًا إِلَى دَارِهِ: رَدَدْتُ عَلَى الْمَالِكِ، وَادَّعَاهُ الْمُلْتَقِطُ، لَمْ يُصَدَّقْ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ.

[الصُّورَةُ] الرَّابِعَةُ: إِذَا أَرَادَ الْمُودَعُ سَفَرًا، فَأَوْدَعَهَا أَمِينًا، فَادَّعَى الْأَمِينُ تَلَفَهَا، صُدِّقَ. وَإِنِ ادَّعَى الرَّدَّ عَلَى الْمَالِكِ، لَمْ يُقْبَلْ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتَمِنْهُ. وَإِنِ ادَّعَى الرَّدَّ عَلَى الْمُودَعِ، صُدِّقَ؛ لِأَنَّهُ أَمِينُهُ. كَذَا ذَكَرَهُ الْغَزَالِيُّ وَالْمُتَوَلِّي، وَهَذَا ذَهَابٌ إِلَى أَنَّ لِلْمُودَعِ إِذَا عَادَ مِنَ السَّفَرِ أَنْ يَسْتَرِدَّهَا، وَبِهِ صَرَّحَ الْعَبَّادِيُّ وَغَيْرُهُ. وَحُكِيَ عَنِ الْإِمَامِ أَنَّ اللَّائِقَ بِمَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، مَنْعُهُ مِنَ الِاسْتِرْدَادِ، بِخِلَافِ الْمُودَعِ يَسْتَرِدُّ مِنَ الْغَاصِبِ

<<  <  ج: ص:  >  >>