قُلْتُ: قَدْ عَكَسَ أَقَضَى الْقُضَاةِ الْمَاوَرْدِيُّ هَذَا، فَقَالَ فِي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ: يُقَدِّمُ بِالسَّابِقَةِ فِي الْإِسْلَامِ. فَإِنْ تَقَارَبَا فِيهِ، قَدَّمَ بِالدِّينِ. فَإِنْ تَقَارَبَا فِيهِ، قَدَّمَ بِالسِّنِّ، فَإِنْ تَقَارَبَا، قَدَّمَ بِالشَّجَاعَةِ. فَإِنْ تَقَارَبَا فِيهِ، فَوَلِيُّ الْأَمْرِ بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَنْ يُرَتِّبَهُمْ بِالْقُرْعَةِ، أَوْ بِرَأْيِهِ وَاجْتِهَادِهِ، وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ هُوَ الْمُخْتَارُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
ثُمَّ بَعْدَ الْعَرَبِ، يُعْطِي الْعَجَمَ. وَفِي ((الْمُهَذَّبِ)) وَ ((التَّهْذِيبِ)) : أَنَّ التَّقْدِيمَ فِيهِمْ بِالسِّنِّ وَالْفَضَائِلِ، وَلَا يُقَدَّمُ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ بِالنَّسَبِ، وَفِيهِ كَلَامَانِ.
أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْعَجَمَ قَدْ يَعْرِفُ نَسَبَهُمْ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَعْتَبِرَ فِيمَنْ عَرَفَ نَسَبَهُ الْقُرْبَ وَالْبُعْدَ أَيْضًا.
الثَّانِي: أَنَّا قَدَّمَنَا فِي صِفَةِ الْأَئِمَّةِ فِي الصَّلَاةِ عَنْ إِمَامِ الْحَرَمَيْنِ: أَنَّ الظَّاهِرَ رِعَايَةُ كُلِّ نَسَبٍ يُعْتَبَرُ فِي الْكَفَاءَةِ فِي النِّكَاحِ، وَسَنَذْكُرُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، أَنَّ نَسَبَ الْعَجَمِ مَرْعِيٌّ فِي الْكَفَاءَةِ عَلَى خِلَافٍ فِيهِ، فَلْيَكُنْ كَذَلِكَ هُنَا.
قُلْتُ: قَدْ أَشَارَ الْمَاوَرْدِيُّ إِلَى اعْتِبَارِ نَسَبِ الْعَجَمِ فَقَالَ: إِنْ كَانُوا عَجَمًا لَا يَجْتَمِعُونَ عَلَى نَسَبٍ، جَمَعَهُمْ بِالْأَجْنَاسِ، كَالتُّرْكِ، وَالْهِنْدِ، وَبِالْبُلْدَانِ. ثُمَّ إِنْ كَانَتْ لَهُمْ سَابِقَةٌ فِي الْإِسْلَامِ، تَرَتَّبُوا عَلَيْهَا، وَإِلَّا، فَبِالْأَقْرَبِ مِنْ وَلِيِّ الْأَمْرِ. فَإِنْ تَسَاوَوْا، فَبِالسَّبْقِ إِلَى طَاعَتِهِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
قَالَ الْأَئِمَّةُ: وَجَمِيعُ التَّرْتِيبِ الْمَذْكُورِ فِي هَذِهِ الْوَظِيفَةِ، مُسْتَحَبٌّ لَا مُسْتَحَقٌّ. الرَّابِعَةُ: لَا يُثْبِتُ فِي الدِّيوَانِ اسْمَ صَبِيٍّ، وَلَا مَجْنُونٍ، وَلَا امْرَأَةٍ، وَلَا عَبْدٍ، وَلَا ضَعِيفٍ لَا يَصْلُحُ لِلْغَزْوِ، كَالْأَعْمَى، وَالزَّمِنِ، وَإِنَّمَا هُمْ تَبَعٌ لِلْمُقَاتِلِ إِذَا كَانُوا فِي عِيَالِهِ، يُعْطِي لَهُمْ كَمَا سَبَقَ، وَإِنَّمَا يُثْبِتُ فِي الدِّيوَانِ الرِّجَالَ الْمُكَلَّفِينَ الْمُسْتَعِدِّينَ لِلْغَزْوِ، وَإِذَا طَرَأَ عَلَى الْمُقَاتِلِ مَرَضٌ أَوْ جُنُونٌ، فَإِنْ رُجِيَ زَوَالُهُ، أُعْطِيَ وَلَمْ يُسْقِطِ اسْمَهُ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute