وَأَنْ يَحْمِيَ الْمَوَاتَ لِنَفْسِهِ، وَأَنْ يَأْخُذَ الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ مِنْ مَالِكِهِمَا الْمُحْتَاجِ إِلَيْهِمَا إِذَا احْتَاجَ إِلَيْهِمَا، وَعَلَى صَاحِبِهِمَا الْبَذْلُ، وَيَفْدِي بِمُهْجَتِهِ مُهْجَةَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: (النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ) .
[الْأَحْزَابِ: ٦]
قُلْتُ: وَمِثْلُهُ مَا ذَكَرَهُ الْفُورَانِيُّ وَإِبْرَاهِيمُ الْمَرُّوذِيُّ وَغَيْرُهُمَا، أَنَّهُ لَوْ قَصَدَهُ ظَالِمٌ، وَجَبَ عَلَى مَنْ حَضَرَهُ أَنْ يَبْذُلَ نَفْسَهُ دُونَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.
وَكَانَ لَا يُنْتَقَضُ وَضُوؤُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالنَّوْمِ مُضْطَجِعًا، وَحَكَى أَبُو الْعَبَّاسِ فِيهِ وَجْهًا غَرِيبًا ضَعِيفًا، وَحَكَى وَجْهَيْنِ فِي انْتِقَاضِ طُهْرِهِ بِاللَّمْسِ.
قُلْتُ: الْمَذْهَبُ الْجَزْمُ بِانْتِقَاضِهِ بِاللَّمْسِ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.
وَحَكَى أَيْضًا صَاحِبُ (التَّلْخِيصِ) : أَنَّهُ كَانَ يَحِلُّ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دُخُولُ الْمَسْجِدِ جُنُبًا، وَلَمْ يُسَلِّمْهُ الْقَفَّالُ لَهُ، بَلْ قَالَ: لَا أَظُنُّهُ صَحِيحًا.
قُلْتُ: هَذَا الَّذِي قَالَهُ صَاحِبُ (التَّلْخِيصِ) ، قَدْ يُحْتَجُّ لَهُ بِمَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ عَطِيَّةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ (الْخُدْرِيِّ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَا عَلِيُّ لَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ يُجْنِبُ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ غَيْرِي وَغَيْرُكَ. قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ. قَالَ التِّرْمِذِيُّ: قَالَ ضِرَارُ بْنُ صُرَدٍ، مَعْنَاهُ: لَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ يَسْتَطْرِقُهُ جُنُبَا غَيْرِي وَغَيْرُكُ، وَهَذَا التَّأْوِيلُ الَّذِي قَالَهُ ضِرَارٌ غَيْرُ مَقْبُولٍ، وَقَالَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ: هَذَا الَّذِي قَالَهُ صَاحِبُ (التَّلْخِيصِ) هُوَ لَا يَدْرِي مِنْ أَيْنَ قَالَهُ، وَإِلَى أَيِّ أَصْلٍ أَسْنَدَهُ. قَالَ: فَالْوَجْهُ: الْقَطْعُ بِتَخْطِئَتِهِ، وَهَذَا كَلَامُ مَنْ لَمْ يَعْلَمِ الْحَدِيثَ الْمَذْكُورَ، لَكِنْ قَدْ يَقْدَحُ قَادِحٌ فِي الْحَدِيثِ بِسَبَبِ عَطِيَّةَ، فَإِنَّهُ ضَعِيفٌ عِنْدَ جُمْهُورِ الْمُحَدِّثِينَ، لَكِنْ قَدْ حَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ، فَلَعَلَّهُ اعْتَضَدَ بِمَا اقْتَضَى حُسْنَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute