الْوَفَاءُ، بِخِلَافِ غَيْرِهِ. وَقِيلَ: جَعَلَ نَفْسَ الْعِتْقِ صَدَاقًا، وَجَازَ ذَلِكَ، بِخِلَافِ غَيْرِهِ.
قُلْتُ: وَقِيلَ: مَعْنَاهُ: أَعْتَقَهَا بِلَا عِوَضٍ، وَتَزَوَّجَهَا بِلَا مَهْرٍ لَا فِي الْحَالِ وَلَا فِيمَا بَعْدُ، وَهَذَا أَصَحُّ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.
الضَّرْبُ الرَّابِعُ: مَا اخْتَصَّ بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنَ الْفَضَائِلِ وَالْإِكْرَامِ، فَمِنْهُ أَنَّ زَوْجَاتِهِ اللَّاتِي تُوُفِّيَ عَنْهُنَّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُنَّ - مُحَرَّمَاتٌ عَلَى غَيْرِهِ أَبَدًا، وَفِيمَنْ فَارَقَهَا فِي الْحَيَاةِ أَوْجُهٌ. قَالَ ابْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ: يَحْرُمُ، وَهُوَ الْمَنْصُوصُ فِي أَحْكَامِ الْقُرْآنِ، لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: (وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ)
[الْأَحْزَابِ: ٦٠] . وَالثَّانِي، يَحِلُّ. وَالثَّالِثُ: يَحْرُمُ الدُّخُولُ بِهَا فَقَطْ. قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ: هُوَ الصَّحِيحُ.
قُلْتُ: الْأَوَّلُ أَرْجَحُ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.
فَإِنْ حَرَّمْنَا، فَفِي أَمَةٍ يُفَارِقُهَا بِالْمَوْتِ أَوْ غَيْرِهِ بَعْدَ وَطْئِهَا وَجْهَانِ.
وَلَوْ فُرِضَ أَنَّ بَعْضَ الْمُخَيَّرَاتِ اخْتَارَتِ الْفِرَاقَ، فَفِي حِلِّهَا لِغَيْرِهِ طَرِيقَانِ. قَالَ الْعِرَاقِيُّونَ: فِيهَا الْأَوْجُهُ، وَقَطَعَ أَبُو يَعْقُوبَ الْأَبِيوَرْدِيُّ وَآخَرُونَ بِالْحِلِّ، لِتَحْصُلَ فَائِدَةُ التَّخْيِيرِ، وَهُوَ التَّمَكُّنُ مِنْ زِينَةِ الدُّنْيَا، وَهَذَا اخْتِيَارُ الْإِمَامِ، وَالْغَزَالِيِّ. وَمِنْهُ، أَنَّ أَزْوَاجَهُ أُمَّهَاتُ الْمُؤْمِنِينَ، سَوَاءٌ مَنْ مَاتَتْ تَحْتَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَمَنْ مَاتَ عَنْهَا وَهِيَ تَحْتَهُ، وَذَلِكَ فِي تَحْرِيمِ نِكَاحِهِنَّ وَوُجُوبِ احْتِرَامِهِنَّ وَطَاعَتِهِنَّ، لَا فِي النَّظَرِ وَالْخَلْوَةِ، وَلَا يُقَالُ: بَنَاتُهُنَّ أَخَوَاتُ الْمُؤْمِنِينَ، وَلَا آبَاؤُهُنَّ وَأُمَّهَاتُهُنَّ أَجْدَادُ وَجَدَّاتُ الْمُؤْمِنِينَ، وَلَا إِخْوَتُهُنَّ وَأَخَوَاتُهُنَّ أَخْوَالُ الْمُؤْمِنِينَ وَخَالَاتُهُمْ. وَحَكَى أَبُو الْفَرَجِ الزَّازُ وَجْهًا أَنَّهُ يُطْلَقُ اسْمُ الْأُخُوَّةِ عَلَى بَنَاتِهِنَّ، وَاسْمُ الْخُئُولَةِ عَلَى إِخْوَتِهِنَّ وَأَخَوَاتِهِنَّ، لِثُبُوتِ حُرْمَةِ الْأُمُومَةِ لَهُنَّ، وَهَذَا ظَاهِرُ لَفْظِ (الْمُخْتَصَرِ) .
قُلْتُ: قَالَ الْبَغَوِيُّ: كُنَّ أُمَّهَاتُ الْمُؤْمِنِينَ مِنَ الرِّجَالِ دُونَ النِّسَاءِ، رُوِيَ ذَلِكَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute