انْقَرَضَتْ، وَنُصِرَ بِالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ، وَجُعِلَتْ لَهُ الْأَرْضُ مَسْجِدًا، وَتُرَابُهَا طَهُورًا، وَأُحِلَّتْ لَهُ الْغَنَائِمُ، وَيُشَفَّعُ فِي أَهْلِ الْكَبَائِرِ.
قُلْتُ: هَذِهِ الْعِبَارَةُ نَاقِصَةٌ أَوْ بَاطِلَةٌ، فَإِنَّ شَفَاعَتَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الَّتِي اخْتَصَّ بِهَا لَيْسَتِ الشَّفَاعَةَ فِي مُطْلَقِ أَهْلِ الْكَبَائِرِ، فَإِنَّ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْقِيَامَةِ شَفَاعَاتٍ خَمْسًا.
أُولَاهُنَّ: الشَّفَاعَةُ الْعُظْمَى فِي الْفَصْلِ بَيْنَ أَهْلِ الْمَوْقِفِ حِينَ يَفْزَعُونَ إِلَيْهِ بَعْدَ الْأَنْبِيَاءِ. كَمَا ثَبَتَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ، حَدِيثِ الشَّفَاعَةِ. وَالثَّانِيَةُ: فِي جَمَاعَةٍ، فَيَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ. وَالثَّالِثَةُ: فِي نَاسٍ اسْتَحَقُّوا دُخُولَ النَّارِ فَلَا يَدْخُلُونَهَا. وَالرَّابِعَةُ: فِي نَاسٍ دَخَلُوا النَّارَ، فَيَخْرُجُونَ. وَالْخَامِسَةُ: فِي رَفْعِ دَرَجَاتِ نَاسٍ فِي الْجَنَّةِ، وَقَدْ أَوْضَحْتُ ذَلِكَ (كُلَّهُ) فِي (كِتَابِ الْإِيمَانِ) مِنْ أَوَّلِ شَرْحِ صَحِيحِ مُسْلِمٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَالشَّفَاعَةُ الْمُخْتَصَّةُ بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، هِيَ الْأُولَى وَالثَّانِيَةُ، وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الثَّالِثَةَ وَالْخَامِسَةَ أَيْضًا. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.
وَبُعِثَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى النَّاسِ كَافَّةً، وَهُوَ سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ، وَأَوَّلُ مَنْ تَنْشَقُّ عَنْهُ الْأَرْضُ، وَأَوَّلُ شَافِعٍ وَمُشَفَّعٍ، وَأَوَّلُ مَنْ يَقْرَعُ بَابَ الْجَنَّةِ، وَهُوَ أَكْثَرُ الْأَنْبِيَاءِ أَتْبَاعًا، وَأُمَّتُهُ مَعْصُومَةٌ لَا تَجْتَمِعُ عَلَى ضَلَالَةٍ، وَصُفُوفُهُمْ كَصُفُوفِ الْمَلَائِكَةِ. وَكَانَ لَا يَنَامُ قَلْبُهُ، وَيَرَى مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِهِ كَمَا يَرَى مِنْ قُدَّامِهِ، وَتُطَوُّعُهُ بِالصَّلَاةِ قَاعِدًا كَتَطَوُّعِهِ قَائِمًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عُذْرٌ، وَفِي حَقِّ غَيْرِهِ ثَوَابُ الْقَاعِدِ النِّصْفُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute