قُلْتُ: كَذَا قَالَ صَاحِبُ (التَّلْخِيصِ) وَأَنْكَرَهُ الْقَفَّالُ وَقَالَ: لَا اخْتِصَاصَ فِي انْتِسَابِ أَوْلَادِ الْبَنَاتِ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.
وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: كُلُّ «سَبَبٍ وَنَسَبٍ مُنْقَطِعٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، إِلَّا سَبَبِي وَنَسَبِي» قِيلَ: مَعْنَاهُ: أَنَّ أُمَّتَهُ يَنْتَسِبُونَ إِلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَأُمَمُ سَائِرِ الْأَنْبِيَاءِ لَا يُنْسَبُونَ إِلَيْهِمْ. وَقِيلَ: يُنْتَفَعُ يَوْمَئِذٍ بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِ، وَلَا يُنْتَفَعُ بِسَائِرِ الْأَنْسَابِ. وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «تَسَمُّوا بِاسْمِي، وَلَا تَكْتَنُوا بِكُنْيَتِي» وَقَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَكْتَنِيَ بِأَبِي الْقَاسِمِ، سَوَاءً كَانَ اسْمُهُ مُحَمَّدًا، أَمْ لَا، وَمِنْهُمْ مَنْ حَمَلَهُ عَلَى كَرَاهَةِ الْجَمْعِ بَيْنَ الِاسْمِ وَالْكُنْيَةِ، وَجَوَّزَ الْإِفْرَادَ، وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ هَذَا أَصَحَّ، لِأَنَّ النَّاسَ مَا زَالُوا يَكْتَنُونَ بِهِ فِي جَمِيعِ الْأَعْصَارِ مِنْ غَيْرِ إِنْكَارٍ.
قُلْتُ: هَذَا الَّذِي تَأَوَّلَهُ الرَّافِعِيُّ وَاسْتَبْدَلَ بِهِ فِيهِمَا، ضَعِيفٌ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِيهَا ثَلَاثَةُ مَذَاهِبَ. أَحَدُهَا: مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ، وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ. وَالثَّانِي: مَذْهَبُ مَالِكٍ: أَنَّهُ يَجُوزُ التَّكَنِّي بِأَبِي الْقَاسِمِ لِمَنِ اسْمُهُ مُحَمَّدٌ وَلِغَيْرِهِ. وَالثَّالِثُ: يَجُوزُ لِمَنِ اسْمُهُ مُحَمَّدٌ دُونَ غَيْرِهِ. وَمَنْ جَوَّزَ مُطْلَقًا، جَعَلَ النَّهْيَ مُخْتَصًّا بِحَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَقَدْ يُسْتَدَلُّ لَهُ بِمَا ثَبَتَ فِي الْحَدِيثِ مِنْ سَبَبِ النَّهْيِ، وَأَنَّ الْيَهُودَ تَكَنَّوْا بِهِ، وَكَانُوا يُنَادَوْنَ: يَا أَبَا الْقَاسِمِ، فَإِذَا الْتَفَتَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالُوا: لَمْ نَعْنِكَ، إِظْهَارًا لِلْإِيذَاءِ، وَقَدْ زَالَ ذَلِكَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute