للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لِتُعْرَفَ فَلَا يُعْمَلَ بِهَا، وَأَيُّ فَائِدَةٍ أَهَمُّ مِنْ هَذِهِ؟ وَأَمَّا مَا يَقَعُ فِي ضِمْنِ الْخَصَائِصِ مِمَّا لَا فَائِدَةَ فِيهِ الْيَوْمَ، فَقَلِيلٌ لَا تَخْلُو أَبْوَابُ الْفِقْهِ عَنْ مِثْلِهِ لِلتَّدَرُّبِ وَمَعْرِفَةِ الْأَدِلَّةِ وَتَحْقِيقِ الشَّيْءِ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

الْبَابُ الثَّانِي فِي مُقَدِّمَاتِ النِّكَاحِ

وَفِيهِ فُصُولٌ.

[الْفَصْلُ] الْأَوَّلُ: فِيمَنْ يُسْتَحَبُّ لَهُ النِّكَاحُ: النَّاسُ ضَرْبَانِ، تَائِقٌ إِلَى النِّكَاحِ، وَغَيْرُهُ. فَالتَّائِقُ، إِنْ وَجَدَ أُهْبَةَ النِّكَاحِ، اسْتُحِبَّ لَهُ، سَوَاءً كَانَ مُقْبِلًا عَلَى الْعِبَادَةِ، أَمْ لَا. وَإِنْ لَمْ يَجِدْهَا، فَالْأَوْلَى أَنْ لَا يَتَزَوَّجَ وَيَكْسِرَ شَهْوَتَهُ بِالصَّوْمِ، فَإِنْ لَمْ تَنْكَسِرْ بِهِ، لَمْ يَكْسِرْهَا بِالْكَافُورِ وَنَحْوِهِ، بَلْ يَتَزَوَّجُ.

وَأَمَّا غَيْرُ التَّائِقِ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ أُهْبَةً، أَوْ كَانَ بِهِ مَرَضٌ أَوْ عَجْزٌ، بِجَبٍّ أَوْ تَعْنِينٍ أَوْ كِبَرٍ، كُرِهَ لَهُ النِّكَاحُ لِمَا فِيهِ مِنِ الْتِزَامِ مَا لَا يَقْدِرُ عَلَى الْقِيَامِ بِهِ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ. وَإِنْ وَجَدَ الْأُهْبَةَ، وَلَمْ يَكُنْ بِهِ عِلَّةٌ، لَمْ يُكْرَهْ لَهُ النِّكَاحُ، لَكِنَّ التَّخَلِّيَ لِلْعِبَادَةِ أَفْضَلُ. فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُشْتَغِلًا بِالْعِبَادَةِ، فَوَجْهَانِ حَكَاهُمَا ابْنُ الْقَطَّانِ وَغَيْرُهُ، وَأَصَحُّهُمَا: النِّكَاحُ أَفْضَلُ كَيْلَا تُفْضِيَ بِهِ الْبَطَالَةُ وَالْفَرَاغُ إِلَى الْفَوَاحِشِ. وَالثَّانِي: تَرْكُهُ أَفْضَلُ، لِمَا فِيهِ مِنَ الْخَطَرِ بِالْقِيَامِ بِوَاجِبِهِ. وَحُكِيَ وَجْهٌ: أَنَّ النِّكَاحَ أَفْضَلُ مِنَ التَّخَلِّي لِلْعِبَادَةِ. وَفِي شَرْحِ (مُخْتَصَرِ) الْجُوَيْنِيِّ وَجْهٌ: أَنَّهُ إِنْ خَافَ الزِّنَا، وَجَبَ عَلَيْهِ النِّكَاحُ.

وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو سَعْدٍ الْهَرَوِيُّ: ذَهَبَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا بِالْعِرَاقِ، إِلَى أَنَّ النِّكَاحَ فَرْضُ كِفَايَةٍ، حَتَّى لَوِ امْتَنَعَ مِنْهُ أَهْلُ قُطْرٍ، أُجْبِرُوا عَلَيْهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>