فَرْعٌ
إِذَا أَصَابَ الْأَرْضَ بَوْلٌ فَصُبَّ عَلَيْهَا مَاءٌ غَمَرَهُ وَاسْتُهْلِكَ فِيهِ، طَهُرَتْ بَعْدَ نُضُوبِ الْمَاءِ، وَقَبْلَهُ وَجْهَانِ. إِنْ قُلْنَا: الْعَصْرُ لَا يَجِبُ، طَهُرَتْ. وَإِنْ قُلْنَا: وَاجِبٌ، لَمْ يَطْهُرْ. فَعَلَى هَذَا لَا يَتَوَقَّفُ الْحُكْمُ بِالطَّهَارَةِ عَلَى الْجَفَافِ، بَلْ يَكْفِي أَنْ يَغِيضَ الْمَاءُ كَالثَّوْبِ الْمَعْصُورِ.
وَيَكْفِي أَنْ يَكُونَ الْمَاءُ الْمَصْبُوبُ غَامِرًا لِلنَّجَاسَةِ عَلَى الصَّحِيحِ، وَقِيلَ: يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ سَبْعَةَ أَضْعَافِ الْبَوْلِ، وَقِيلَ: يُشْتَرَطُ أَنْ يُصَبَّ عَلَى بَوْلِ الْوَاحِدِ ذَنُوبٌ، وَعَلَى بَوْلِ الِاثْنَيْنِ ذَنُوبَانِ، وَعَلَى هَذَا أَبَدًا، ثُمَّ الْخَمْرُ، وَسَائِرُ النَّجَاسَاتِ الْمَائِعَةِ كَالْبَوْلِ، يَطْهُرُ الْأَرْضُ عَنْهَا بِغَمْرِ الْمَاءِ بِلَا تَقْدِيرٍ عَلَى الْمَذْهَبِ.
اللَّبَنُ النَّجِسُ: ضَرْبَانِ. مُخْتَلِطٌ بِنَجَاسَةٍ جَامِدَةٍ، كَالرَّوْثِ وَعِظَامِ الْمَيْتَةِ، وَغَيْرُ مُخْتَلِطٍ.
فَالْأَوَّلُ: نَجِسٌ لَا طَرِيقَ إِلَى تَطْهِيرِهِ، لِعَيْنِ النَّجَاسَةِ. فَإِنْ طُبِخَ، فَالْمَذْهَبُ - وَهُوَ الْجَدِيدُ - أَنَّهُ عَلَى نَجَاسَتِهِ. وَفِي الْقَدِيمِ قَوْلٌ: أَنَّ الْأَرْضَ النَّجِسَةَ تَطْهُرُ بِزَوَالِ النَّجَاسَةِ، بِالشَّمْسِ، وَالرِّيحِ، وَمُرُورِ الزَّمَنِ. فَخَرَّجَ أَبُو زَيْدٍ، وَالْخُضَرِيُّ، وَآخَرُونَ مِنْهُ قَوْلًا: إِنَّ النَّارَ تُؤَثِّرُ، فَيَطْهُرُ ظَاهِرُهُ بِالطَّبْخِ. فَعَلَى الْجَدِيدِ: لَوْ غُسِلَ، لَمْ يَطْهُرْ عَلَى الصَّحِيحِ الْمَنْصُوصِ. وَقَالَ ابْنُ الْمَرْزُبَانِ وَالْقَفَّالُ: يَطْهُرُ ظَاهِرُهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute