قُلْتُ: الْأَوَّلُ أَصَحُّ، وَبِهِ قَطَعَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ وَالْمُتَوَلِّي. قَالَا أَيْضًا: وَلَا يَكُونُ ذِمِّيًّا مَعَ وُجُودِ مُسْلِمٍ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.
ثُمَّ أَصْلُ الْحَاجَةِ كَافٍ فِي النَّظَرِ إِلَى الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ، وَفِي النَّظَرِ إِلَى سَائِرِ الْأَعْضَاءِ يُعْتَبَرُ تَأَكُّدُ الْحَاجَةِ، وَضَبَطَهُ الْإِمَامُ فَقَالَ: مَا يُجَوِّزُ الِانْتِقَالَ مِنَ الْمَاءِ إِلَى التَّيَمُّمِ وِفَاقًا أَوْ خِلَافًا كَشِدَّةِ الضَّنَى وَمَا فِي مَعْنَاهَا، يَجُوزُ النَّظَرُ بِسَبَبِهِ، وَفِي النَّظَرِ إِلَى السَّوْءَتَيْنِ، يُعْتَبَرُ مَزِيدُ تَأَكُّدٍ، قَالَ الْغَزَالِيُّ: وَذَلِكَ بِأَنْ تَكُونَ الْحَاجَةُ بِحَيْثُ لَا يُعَدُّ التَّكَشُّفُ بِسَبَبِهَا هَتْكًا لِلْمُرُوءَةِ وَيُعْذَرُ فِي الْعَادَةِ. وَمِنْهَا: يَجُوزُ لِلرِّجَالِ النَّظَرُ إِلَى فَرْجِ الزَّانِيَيْنِ لِتَحَمُّلِ شَهَادَةِ الزِّنَا، وَإِلَى فَرْجِ الْمَرْأَةِ لِلشَّهَادَةِ عَلَى الْوِلَادَةِ، وَإِلَى ثَدْيِ الْمُرْضِعَةِ لِلشَّهَادَةِ عَلَى الرَّضَاعِ، هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ. وَقَالَ الِاصْطَخْرِيُّ: لَا يَجُوزُ كُلُّ ذَلِكَ. وَقِيلَ: يَجُوزُ فِي الزِّنَا دُونَ غَيْرِهِ. وَقِيلَ: عَكْسُهُ.
الْفَصْلُ الرَّابِعُ: فِي الْخِطْبَةِ - بِكَسْرِ الْخَاءِ -، قَالَ الْغَزَالِيُّ: هِيَ مُسْتَحَبَّةٌ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُحْتَجَّ لَهُ بِفِعْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَمَا جَرَى عَلَيْهِ النَّاسُ، وَلَكِنْ لَا ذِكْرَ لِلِاسْتِحْبَابِ فِي كُتُبِ الْأَصْحَابِ، وَإِنَّمَا ذَكَرُوا الْجَوَازَ. ثُمَّ الْمَرْأَةُ إِنْ كَانَتْ خَلِيَّةً عَنِ النِّكَاحِ وَالْعِدَّةَ، جَازَتْ خِطْبَتُهَا تَعْرِيضًا وَتَصْرِيحًا، وَإِنْ كَانَ مُعْتَدَّةً، حَرُمَ التَّصْرِيحُ بِخِطْبَتِهَا مُطْلَقًا. وَأَمَّا التَّعْرِيضُ، فَيَحْرُمُ فِي عِدَّةِ الرَّجْعِيَّةِ، وَلَا يَحْرُمُ فِي عِدَّةِ الْوَفَاةِ. وَقِيلَ: إِنْ كَانَتْ عِدَّةُ الْوَفَاةِ بِالْحَمْلِ، لَمْ تُخْطَبْ، خَوْفًا مِنْ تَكَلُّفِ إِلْقَاءِ وَلَدِهَا. وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ. وَالْبَائِنُ بِطَلَاقٍ أَوْ فَسْخٍ، يَحِلُّ التَّعْرِيضُ بِخِطْبَتِهَا عَلَى الْأَظْهَرِ. وَالَّتِي لَا تَحِلُّ لِمَنْ مِنْهُ الْعِدَّةُ بِلِعَانٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ طَلَاقِ الثَّلَاثِ، كَالْمُعْتَدَّةِ عَنِ الْوَفَاةِ. وَقِيلَ: كَالْفَسْخِ. ثُمَّ سَوَاءً كَانَتِ الْعِدَّةُ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ بِالْإِقْرَاءِ أَمْ بِالْأَشْهُرِ. وَقِيلَ: إِنْ كَانَتْ بِالْإِقْرَاءِ، حَرُمَ قَطْعًا. وَالصَّحِيحُ وَبِهِ قَطَعَ الْجُمْهُورُ: أَنْ لَا فَرْقَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute