وَلَا اعْتِبَارَ بِقَوْلِ الشَّاهِدَيْنِ: كُنَّا فَاسِقَيْنِ يَوْمَئِذٍ، كَمَا لَا اعْتِبَارَ بِقَوْلِهِمَا: كُنَّا فَاسِقَيْنِ بَعْدَ الْحُكْمِ بِشَهَادَتِهِمَا، وَكَذَا لَوْ تَقَارَّ الزَّوْجَانِ أَنَّ النِّكَاحَ وَقَعَ فِي الْإِحْرَامِ أَوِ الْعِدَّةِ أَوِ الرِّدَّةِ، نَتَبَيَّنُ بُطْلَانَهُ، وَلَا مَهْرَ إِلَّا إِذَا كَانَ دَخَلَ بِهَا، فَيَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ. فَلَوْ نَكَحَهَا بَعْدَ ذَلِكَ، مَلَكَ ثَلَاثَ طَلَقَاتٍ. وَلَوِ اعْتَرَفَ الزَّوْجُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَأَنْكَرَتْ، لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ عَلَيْهَا فِي الْمَهْرِ، فَيَجِبُ نِصْفُ الْمُسَمَّى إِنْ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ، وَكُلُّهُ إِنْ كَانَ بَعْدَهُ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِقَوْلِهِ. وَفِي سَبِيلِ هَذَا التَّفْرِيقِ خِلَافٌ. قَالَ أَصْحَابُ الْقَفَّالِ: هُوَ طَلْقَةٌ بَائِنَةٌ، فَلَوْ نَكَحَهَا يَوْمًا، عَادَتْ بِطَلْقَتَيْنِ. قَالُوا: وَهَذَا مَأْخُوذٌ مِنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، أَنَّهُ لَوْ نَكَحَ أَمَةً، ثُمَّ قَالَ: نَكَحْتُهَا وَأَنَا وَاجِدٌ طَوْلَ حُرَّةٍ، بَانَتْ بِطَلْقَةٍ. وَعَنِ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَالْعِرَاقِيِّينَ: أَنَّهَا فُرْقَةُ فَسْخٍ لَا تُنْقِصُ عَدَدَ الطَّلَاقِ، كَمَا لَوْ أَقَرَّ الزَّوْجُ بِالرَّضَاعِ. وَإِلَى هَذَا مَالَ الْإِمَامُ، وَالْغَزَالِيُّ، وَهَؤُلَاءِ أَنْكَرُوا نَصَّهُ فِي مَسْأَلَةِ الْأَمَةِ، وَلِإِنْكَارِهِ وَجْهٌ ظَاهِرٌ، لِأَنَّهُ نَصَّ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ أَنَّهُ إِذَا نَكَحَ أَمَةً، ثُمَّ قَالَ: نَكَحْتُهَا وَأَنَا أَجِدُ طَوْلًا، فَصَدَّقَهُ مَوْلَاهَا، فُسِخَ النِّكَاحُ بِلَا مَهْرٍ، فَإِنْ كَانَ دَخَلَ، فَعَلَيْهِ مَهْرُ مِثْلِهَا. وَإِنْ كَذَّبَهُ، فُسِخَ النِّكَاحُ بِإِقْرَارِهِ، وَلَمْ يُصَدَّقْ عَلَى الْمَهْرِ، دَخَلَ أَمْ لَمْ يَدْخُلْ. هَذَا لَفْظُهُ وَهُوَ يُوَافِقُ قَوْلَ الْعِرَاقِيِّينَ.
قُلْتُ: الْأَصَحُّ أَوِ الصَّحِيحُ، قَوْلُ الْعِرَاقِيِّينَ. وَحَكَى الْعِرَاقِيُّونَ وَجْهًا: أَنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي الْمَهْرِ، فَلَا يَلْزَمُهُ. وَعَلَى هَذَا قَالُوا: إِنْ كَانَ اعْتِرَافُهُ قَبْلَ الدُّخُولِ، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. وَإِنْ كَانَ بَعْدَهُ، فَعَلَيْهِ أَقَلُّ الْأَمْرَيْنِ مِنَ الْمُسَمَّى وَمَهْرِ الْمِثْلِ، وَلَا خِلَافَ أَنَّهَا إِذَا مَاتَتْ لَا يَرِثُهَا. وَإِنْ مَاتَ قَبْلَهَا، فَإِنْ قُلْنَا: الْقَوْلُ قَوْلُهُ وَلَمْ يَكُنْ حَلَفَ، فَيَحْلِفُ وَارِثُهُ: لَا يَعْلَمُهُ تَزَوَّجَهَا بِشَهَادَةِ عَدْلَيْنِ، وَلَا إِرْثَ لَهَا. وَإِنْ قُلْنَا: الْقَوْلُ قَوْلُهَا، حَلَفَتْ أَنَّهُ عَقَدَ بِعَدْلَيْنِ وَوَرِثَتْ.
وَلَوْ قَالَتْ: عَقَدْنَا بِفَاسِقَيْنِ، فَقَالَ: بَلْ بِعَدْلَيْنِ. فَأَيُّهُمَا يُقْبَلُ؟ وَجْهَانِ. الْأَصَحُّ: قَوْلُهُ. فَإِنْ مَاتَ، لَمْ تَرِثْهُ، وَإِنْ مَاتَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute