تُقِرُّ عَلَى نَفْسِهَا، قَالَهُ ابْنُ الْحَدَّادِ وَالشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ. وَالثَّانِي: لَا، لِأَنَّهَا كَالْمُقِرَّةِ عَلَى الْوَلِيِّ، قَالَهُ الْقَفَّالُ، وَالثَّالِثُ: يُفَرَّقُ بَيْنَ الْعَفِيفَةِ وَالْفَاسِقَةِ، قَالَهُ الْقَاضِي حُسَيْنٌ. وَلَا فَرْقَ فِي هَذَا الْخِلَافِ بَيْنَ أَنْ تُفَصِّلَ الْإِقْرَارَ وَتُضِيفَ التَّزْوِيجَ إِلَى الْوَلِيِّ فَيُكَذِّبَهَا، وَبَيْنَ أَنْ تُطْلِقَ إِذَا قَبِلْنَا الْإِقْرَارَ الْمُطْلَقَ فَقَالَ الْوَلِيُّ: لَا وَلِيَّ لَكِ غَيْرِي، وَمَا زَوَّجْتُكِ. وَيَجْرِي الْخِلَافُ أَيْضًا فِي تَكْذِيبِ الشَّاهِدَيْنِ إِذَا كَانَتْ قَدْ عَيَّنَتْهُمَا. وَالْأَصَحُّ: أَنَّهُ لَا يَقْدَحُ تَكْذِيبُهُمَا، لِاحْتِمَالِ النِّسْيَانِ وَالْكَذِبِ. فَإِنْ قُلْنَا: تَكْذِيبُ الْوَلِيِّ يَمْنَعُ قَبُولَ إِقْرَارِهَا، فَكَانَ غَائِبًا، لَمْ يُنْتَظَرْ حُضُورُهُ، بَلْ تُسَلَّمُ إِلَى الزَّوْجِ فِي الْحَالِ لِلضَّرُورَةِ، فَإِنْ عَادَ وَكَذَّبَهَا، فَهَلْ يُحَالُ بَيْنَهُمَا لِزَوَالِ الضَّرُورَةِ، أَمْ يُسْتَدَامُ؟ وَجْهَانِ، رَجَّحَ الْغَزَالِيُّ الْأَوَّلَ، وَغَيْرُهُ الثَّانِيَ.
وَإِذَا قُلْنَا بِالْقَدِيمِ، فَجَرَى الْإِقْرَارُ فِي الْغُرْبَةِ، ثُمَّ رَجَعَا إِلَى الْوَطَنِ، فَفِي الْحِوَالَةِ بَيْنَهُمَا الْوَجْهَانِ. قَالَ الْإِمَامُ: وَلَا شَكَّ أَنَّهُ لَوْ قَضَى قَاضٍ بِالْإِقْرَارِ، لَمْ يُنْقَضْ.
فَرْعٌ
أَقَرَّ الْوَلِيُّ بِإِنْكَاحِهَا، إِنْ كَانَ لَهُ إِنْشَاءُ النِّكَاحِ الْمُقَرِّ بِهِ عِنْدَ الْإِقْرَارِ بِغَيْرِ رِضَاهَا، قُبِلَ إِقْرَارُهُ، لِقُدْرَتِهِ عَلَى الْإِنْشَاءِ. وَحَكَى الْحَنَّاطِيُّ وَجْهًا أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ حَتَّى تُوَافِقَهُ الْبَالِغَةُ. وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ الْإِنْشَاءُ بِغَيْرِ رِضَاهَا، لِكَوْنِهِ غَيْرَ مُجْبِرٍ، أَوِ الْحَالُ غَيْرُ حَالِ الْإِجْبَارِ، أَوِ الزَّوْجُ لَيْسَ بِكُفْءٍ، لَمْ يُقْبَلْ إِقْرَارُهُ. وَلَوْ قَالَ وَهِيَ ثَيِّبٌ: كُنْتُ زَوَّجْتُهَا فِي بَكَارَتِهَا، لَمْ يُقْبَلْ، وَاعْتُبِرَ وَقْتُ الْإِقْرَارِ، كَذَا أَطْلَقَهُ الْإِمَامُ، وَهُوَ الظَّاهِرُ. وَيُمْكِنُ جَعْلُهُ عَلَى الْخِلَافِ فِيمَا لَوْ أَقَرَّ مَرِيضٌ لِوَارِثِهِ بِهِبَةٍ فِي الصِّحَّةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute