الْبَالِغَةِ. وَلَوْ أَجْبَرَهَا، صَحَّ النِّكَاحُ. فَلَوْ كَانَ بَيْنَ الْأَبِ وَبَيْنَهَا عَدَاوَةٌ ظَاهِرَةٌ، قَالَ ابْنُ كَجٍّ: لَيْسَ لَهُ إِجْبَارُهَا، وَكَذَا نَقَلَهُ الْحَنَّاطِيُّ عَنِ ابْنِ الْمَرْزُبَانِ، قَالَ: وَيُحْتَمَلُ جَوَازُهُ. فَأَمَّا الثَّيِّبُ، فَلَا يُزَوِّجُهَا الْأَبُ إِلَّا بِإِذْنِهَا فِي حَالِ الْبُلُوغِ، وَالْجَدُّ كَالْأَبِ فِي كُلِّ هَذَا، وَحَكَى الْحَنَّاطِيُّ قَوْلًا: أَنَّ الْجَدَّ لَا يُجْبِرُ الْبِكْرَ الْبَالِغَةَ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ الْقَاصِّ وَأَبُو الطِّيبِ بْنُ سَلَمَةَ، وَالْمَشْهُورُ الْأَوَّلُ.
وَسَوَاءٌ حَصَلَتِ الثُّيُوبَةُ بِوَطْءٍ مُحْتَرَمٍ أَوْ زِنًا. وَحُكِيَ عَنِ الْقَدِيمِ: أَنَّ الْمُصَابَةَ بِالزِّنَا كَالْبِكْرِ. وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ، وَلَوْ زَالَتْ بَكَارَتُهَا بِسَقْطَةٍ، أَوْ أُصْبَعٍ، أَوْ حِدَّةِ الطَّمْثِ، أَوْ طُولِ التَّعْنِيسِ، أَوْ وُطِئَتْ فِي دُبُرِهَا، فَبِكْرٌ عَلَى الصَّحِيحِ. وَلَوْ وُطِئَتْ مَجْنُونَةٌ، أَوْ مُكْرَهَةٌ، أَوْ نَائِمَةٌ، فَثَيِّبٌ عَلَى الصَّحِيحِ. وَلَوْ خَطَبَ الْبِكْرَ رَجُلٌ، فَمَنَعَهَا أَبُوهَا، فَذَهَبَتْ وَزَوَّجَتْ نَفْسَهَا بِهِ، ثُمَّ زَوَّجَهَا الْأَبُ غَيْرَهُ بِغَيْرِ إِذْنِهَا، إِنْ كَانَ الْأَوَّلُ لَمْ يَطَأْهَا، صَحَّ تَزْوِيجُ الْأَبِ، وَإِلَّا، فَلَا، لِأَنَّهَا ثَيِّبٌ بِوَطْءِ شُبْهَةٍ.
قُلْتُ: إِنَّمَا يَصِحُّ تَزْوِيجُ الْأَبِ، إِذَا لَمْ يَكُنْ حَكَمَ بِصِحَّةِ نِكَاحِهَا بِنَفْسِهَا حَنَفِيٌّ وَنَحْوُهُ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.
فَرْعٌ
إِذَا الْتَمَسَتِ الْبِكْرُ الْبَالِغَةُ التَّزْوِيجَ وَقَدْ خَطَبَهَا كُفْءٌ، لَزِمَ الْأَبَ وَالْجَدَّ إِجَابَتُهَا، فَإِنِ امْتَنَعَ، زَوَّجَهَا السُّلْطَانُ. وَفِي وَجْهٍ: لَا تَلْزَمُهُ الْإِجَابَةُ، وَلَا يَأْثَمُ بِالِامْتِنَاعِ، لِأَنَّ الْغَرَضَ يَحْصُلُ بِتَزْوِيجِ السُّلْطَانِ، وَهُوَ ضَعِيفٌ. وَلَوِ الْتَمَسَتْ صَغِيرَةٌ بَلَغَتْ إِمْكَانَ الشَّهْوَةِ، قَالَ بَعْضُهُمْ: لَزِمَهُ إِجَابَتُهَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute