تَقَدُّمُ الْعَقْدِ عَلَى عَوْدِ الْجُنُونِ. قَالَ الْإِمَامُ: وَإِذَا قَصَرَتْ نَوْبَةُ الْإِفَاقَةِ جِدًّا، لَمْ تَكُنِ الْحَالُ حَالَ تَقَطُّعٍ، لِأَنَّ السُّكُونَ الْيَسِيرَ لَا بُدَّ مِنْهُ مَعَ إِطْبَاقِ الْجُنُونِ. وَلَوْ أَفَاقَ، وَبَقِيَتْ آثَارُ خَبَلٍ يُحْمَلُ مِثْلُهَا مِمَّنْ لَا يَعْتَرِيهِ الْجُنُونُ عَلَى حِدَّةٍ فِي الْخُلُقِ، فَهَلْ تَعُودُ وَلَايَتُهُ، أَمْ يُسْتَدَامُ حُكْمُ الْجُنُونِ إِلَى أَنْ يَصْفُوَ مِنَ الْخَبَلِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ.
قُلْتُ: لَعَلَّ الثَّانِيَ أَصَحُّ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.
الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ: اخْتِلَالُ النَّظَرِ لِهَرَمٍ أَوْ خَبَلٍ جِبِلِّيٍّ أَوْ عَارِضٍ، يَمْنَعُ الْوِلَايَةَ وَيَنْقُلُهَا إِلَى الْأَبْعَدِ، وَالْحَجْرُ بِالْفَلْسِ لَا يَمْنَعُهَا، وَبِالسَّفَهِ يَمْنَعُهَا عَلَى الْمَذْهَبِ. وَقِيلَ: وَجْهَانِ.
قُلْتُ: وَحَكَى الشَّاشِيُّ فِي الْمُفْلِسِ وَجْهًا. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.
[الصُّورَةُ] الثَّالِثَةُ: الْإِغْمَاءُ الَّذِي لَا يَدُومُ غَالِبًا، فَهُوَ كَالنَّوْمِ، يُنْتَظَرُ إِفَاقَتُهُ، وَلَا يُزَوِّجُ غَيْرَهُ. وَإِنْ كَانَ مِمَّا يَدُومُ يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ فَأَكْثَرَ، فَوَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: نَقْلُ الْوِلَايَةِ إِلَى الْأَبْعَدِ كَالْجُنُونِ. وَأَصَحُّهُمَا: الْمَنْعُ. فَعَلَى هَذَا، قَالَ الْبَغَوِيُّ وَغَيْرُهُ: تُنْتَظَرُ إِفَاقَتُهُ كَالنَّائِمِ. وَقَالَ الْإِمَامُ: يَنْبَغِي أَنْ تُعْتَبَرَ مُدَّتُهُ بِالسَّفَرِ. فَإِنْ كَانَتْ مُدَّةً يُعْتَبَرُ فِيهَا إِذْنُ الْوَلِيِّ الْغَائِبِ، وَقَطَعَ الْمَسَافَةَ ذَهَابًا وَرُجُوعًا، انْتُظَرِتْ إِفَاقَتُهُ، وَإِلَّا، فَيُزَوِّجُ الْحَاكِمُ، وَيُرْجَعُ فِي مَعْرِفَةِ مُدَّتِهِ إِلَى أَهْلِ الْخِبْرَةِ.
[الصُّورَةُ] الرَّابِعَةُ: السَّكْرَانُ الَّذِي سَقَطَ تَمْيِيزُهُ بِالْكُلِّيَّةِ كَلَامُهُ لَغْوٌ. فَإِنْ بَقِيَ لَهُ تَمْيِيزٌ وَنَظَرٌ، فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا يُزَوِّجُ، وَتُنْتَظَرُ إِفَاقَتُهُ.
[الصُّورَةُ] الْخَامِسَةُ: الْأَسْقَامُ وَالْآلَامُ الشَّاغِلَةُ عَنِ النَّظَرِ وَمَعْرِفَةِ الْمَصْلَحَةِ، تَمْنَعُ الْوِلَايَةَ وَتَنْقُلُهَا إِلَى الْأَبْعَدِ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَأَخَذَ بِهِ الْأَصْحَابُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute