الْأَصْحَابِ يَقْتَضِي طَرْدَ الْخِلَافِ وَإِنْ رَضِيَتْ بِتَرْكِ الْكَفَاءَةِ، لَكِنَّ الْقِيَاسَ تَخْصِيصُهُ بِمَنْ لَمْ تَرْضَ. فَأَمَّا مَنْ أَسْقَطَتِ الْكَفَاءَةَ، فَلَا مَعْنَى لِاشْتِرَاطِ التَّعْيِينِ فِيهَا. وَإِذَا جَوَّزْنَا التَّوْكِيلَ الْمُطْلَقَ، فَعَلَى الْوَكِيلِ رِعَايَةُ النَّظَرِ. فَلَوْ زَوَّجَ لِغَيْرٍ كُفْءٍ، لَمْ يَصِحَّ عَلَى الصَّحِيحِ. وَحَكَى ابْنُ كَجٍّ وَجْهًا: أَنَّهُ يَصِحُّ، وَلَهَا الْخِيَارُ. فَإِنْ كَانَتْ صَغِيرَةً، خُيِّرَتْ عِنْدَ الْبُلُوغِ.
وَلَوْ خَطَبَ كُفْآنِ، وَأَحَدُهُمَا أَشْرَفُ، فَزَوَّجَ الْآخَرَ، لَمْ يَصِحَّ. وَإِذَا جَوَّزْنَا الْإِذْنَ الْمُطْلَقَ، فَقَالَتْ: زَوِّجْنِي مِمَّنْ شِئْتَ، فَهَلْ لَهُ تَزْوِيجُهَا غَيْرَ كُفْءٍ؟ وَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا عِنْدَ الْإِمَامِ وَالسَّرَخْسِيِّ وَغَيْرِهِمَا: نَعَمْ، كَمَا لَوْ قَالَتْ: زَوِّجْنِي مِمَّنْ شِئْتَ كُفْئًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ. هَذَا كُلُّهُ إِذَا كَانَ الْوَلِيُّ مُجْبَرًا. فَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُجْبَرٍ، لِكَوْنِهِ غَيْرَ الْأَبِ وَالْجَدِّ، أَوْ كَانَتْ ثَيِّبًا، فَفِيهِ صُوَرٌ.
إِحْدَاهَا: قَالَتْ: زَوِّجْنِي وَوَكِّلْ، فَلَهُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا.
الثَّانِيَةُ: نَهَتْ عَنِ التَّوْكِيلِ، لَا يُوَكِّلُ.
الثَّالِثَةُ: قَالَتْ: وَكِّلْ بِتَزْوِيجِي وَاقْتَصَرَتْ عَلَيْهِ، فَلَهُ التَّوْكِيلُ. وَهَلْ لَهُ أَنْ يُزَوِّجَ بِنَفْسِهِ؟ وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: نَعَمْ.
الرَّابِعَةُ: قَالَتْ: أَذِنْتُ لَكَ فِي تَزْوِيجِي، فَلَهُ التَّوْكِيلُ عَلَى الْأَصَحِّ، لِأَنَّهُ مُتَصَرِّفٌ بِالْوِلَايَةِ. وَلَوْ وَكَّلَ مِنْ غَيْرِ مُرَاجَعَتِهَا وَاسْتِئْذَانِهَا بِالْكُلِّيَّةِ، لَمْ يَصِحَّ عَلَى الصَّحِيحِ، لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ التَّزْوِيجَ بِنَفْسِهِ حِينَئِذٍ. وَالثَّانِي: يَصِحُّ. فَعَلَى هَذَا، يَسْتَأْذِنُ الْوَلِيُّ أَوِ الْوَكِيلُ لِلْوَلِيِّ، ثُمَّ يُزَوِّجُ. وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَسْتَأْذِنَ لِنَفْسِهِ. ثُمَّ إِذَا وَكَّلَ غَيْرَ الْمُجْبَرِ بَعْدَ إِذْنِ الْمَرْأَةِ، فَهَلْ يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ الزَّوْجِ إِنْ أَطْلَقَتِ الْإِذْنَ؟ وَجْهَانِ كَمَا فِي تَوْكِيلِ الْمُجْبَرِ.
قَالَ الْإِمَامُ: وَإِذَا عَيَّنَتْ زَوْجًا، سَوَاءٌ شَرَطْنَا تَعْيِينَهَا، أَمْ لَا، فَلْيَذْكُرْهُ الْوَلِيُّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute