التَّزْوِيجَ بِرَجُلٍ، وَادَّعَتْ كَفَاءَتَهُ، وَقَالَ الْوَلِيُّ: لَيْسَ بِكُفْءٍ، رُفِعَ إِلَى الْقَاضِي، فَإِنْ ثَبَتَتْ كَفَاءَتُهُ، أَلْزَمَهُ تَزْوِيجَهَا، فَإِنِ امْتَنَعَ، زَوَّجَهَا الْقَاضِي بِهِ، وَإِنْ لَمْ تَثْبُتْ، لَمْ يَلْزَمْهُ تَزْوِيجُهَا بِهِ. قَالَ الْبَغَوِيُّ: وَلَوْ زَوَّجَهَا وَاحِدٌ بِرِضَاهَا وَرِضَى الْبَاقِينَ بِغَيْرِ كُفْءٍ، فَاخْتَلَعَتْ مِنْهُ، ثُمَّ زَوَّجَهَا أَحَدُهُمْ بِهِ بِرِضَاهَا دُونَ إِذْنِ الْبَاقِينَ، فَقِيلَ: يَصِحُّ قَطْعًا، لِأَنَّهُمْ رَضَوْا بِهِ أَوَّلًا. وَقِيلَ: عَلَى الْخِلَافِ، لِأَنَّهُ عَقْدٌ جَدِيدٌ. وَلَوِ امْتَنَعُوا، فَلَهُمْ ذَلِكَ بِلَا خِلَافٍ. قَالَ: وَلَوِ اسْتَأْذَنَ الْأَبُ الْبِكْرَ الْبَالِغَةَ فِي التَّزْوِيجِ بِغَيْرِ كُفْءٍ، فَسَكَتَتْ، فَهَلْ يَصِحُّ قَطْعًا، أَمْ يَكُونُ عَلَى الْخِلَافِ؟ فِيهِ طَرِيقَانِ. وَالْمَذْهَبُ: الصِّحَّةُ. وَقَدْ سَبَقَتِ الْمَسْأَلَةُ فِي أَوَّلِ الْبَابِ. قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي «الْإِمْلَاءِ» : لَوْ زَوَّجَ أُخْتَهُ، فَمَاتَ الزَّوْجُ، فَادَّعَى وَارِثُهُ أَنَّ الْأَخَ زَوَّجَهَا بِغَيْرِ رِضَاهَا، وَأَنَّهَا لَا تَرِثُ، فَقَالَتْ: زَوَّجَنِي بِرِضَايَ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا وَتَرِثُ، قَالَ فِي «الْإِمْلَاءِ» : وَإِنْ قَالَ رَجُلٌ: هَذِهِ زَوْجَتِي، فَسَكَتَتْ فَمَاتَ، وَرِثَتْهُ، وَإِنْ مَاتَتْ، لَمْ يَرِثْهَا، لِأَنَّ إِقْرَارَهُ يُقْبَلُ عَلَيْهِ دُونَهَا. وَلَوْ أَقَرَّتْ بِزَوْجِيَّةِ رَجُلٍ، فَسَكَتَ فَمَاتَتْ، وَرِثَهَا، وَإِنْ مَاتَ، لَمْ تَرِثْهُ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.
الطَّرَفُ الثَّامِنُ: فِي اجْتِمَاعِ الْأَوْلِيَاءِ. فَإِذَا اجْتَمَعُوا فِي دَرَجَةٍ، كَالْأُخْوَةِ وَالْأَعْمَامِ وَبَنِيهِمُ، اسْتُحِبَّ أَنْ يُزَوِّجَهَا أَفْضَلُهُمْ بِالْفِقْهِ أَوِ الْوَرَعِ، وَأَسَنُّهُمْ، بِرِضَى الْبَاقِينَ، لِأَنَّ هَذَا أَجْمَعُ لِلْمَصْلَحَةِ. وَلَوْ تَعَارَضَتْ هَذِهِ الْخِصَالُ، قُدِّمَ الْأَفْقَهُ، ثُمَّ الْأَوْرَعُ، ثُمَّ الْأَسَنُّ. وَلَوْ زَوَّجَ غَيْرُ الْأَسَنِّ وَالْأَفْضَلِ بِرِضَاهَا بِكُفْءٍ، صَحَّ، وَلَا اعْتِرَاضَ لِلْبَاقِينَ. وَلَوْ تَنَازَعُوا، وَقَالَ كُلٌّ: أَنَا أُزَوِّجُ، نُظِرَ، إِنْ تَعَدَّدَ الْخَاطِبُ، فَالتَّزْوِيجُ مِمَّنْ تَرْضَاهُ الْمَرْأَةُ، فَإِنْ رَضِيَتْهُمْ جَمِيعًا، نَظَرَ الْقَاضِي فِي الْأَصْلَحِ وَأَمَرَ بِتَزْوِيجِهِ، كَذَا ذَكَرَهُ الْبَغَوِيُّ وَغَيْرُهُ. وَإِنِ اتَّحَدَ الْخَاطِبُ، وَتَزَاحَمُوا عَلَى الْعَقْدِ، أُقْرِعَ بَيْنَهُمْ، فَمَنْ خَرَجَتْ قُرْعَتُهُ، زَوَّجَهَا، فَإِنْ بَادَرَ غَيْرُهُ فَزَوَّجَهَا، صَحَّ عَلَى الْأَصَحِّ. وَقِيلَ: لَا يَصِحُّ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute