للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَوْ نَكَلَا، فَهُوَ كَمَا لَوِ اعْتَرَفَا بِالْإِشْكَالِ. وَإِنْ حَلَفَ أَحَدُهُمَا فَقَطْ، قُضِيَ لَهُ. وَإِنِ ادَّعَيَا عَلَى الْمَرْأَةِ، فَذَاكَ ضَرْبَانِ. أَحَدُهُمَا: أَنْ يَدَّعِيَا عِلْمَهَا بِالسَّبْقِ. فَإِنْ كَانَتِ الصِّيغَةُ: إِنَّهَا تَعْلَمُ سَبْقَ أَحَدِ النِّكَاحَيْنِ، لَمْ تُسْمَعِ الدَّعْوَى، لِلْجَهْلِ. وَإِنْ قَالَ كُلُّ وَاحِدٍ: هِيَ تَعْلَمُ أَنَّ نِكَاحِي سَابِقٌ، فَقَالَ صَاحِبُ التَّقْرِيبِ وَالشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ وَغَيْرُهُمَا: يُبْنَى عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِي إِقْرَارِ الْمَرْأَةِ بِالنِّكَاحِ، هَلْ يَقْبَلُ؟ فَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ، لَمْ تُسْمَعِ الدَّعْوَى، إِذْ لَا فَائِدَةَ. وَإِنْ قُلْنَا: تُقْبَلُ وَهُوَ الْأَظْهَرُ، سُمِعَتْ. وَحِينَئِذٍ، إِمَّا أَنْ تُنْكِرَ، وَإِمَّا أَنْ تُقِرَّ.

الْحَالَةُ الْأُولَى: أَنَّ تُنْكِرَ الْعِلْمَ بِالسَّبْقِ، فَتَحْلِفَ عَلَيْهِ. وَهَلْ يَكْفِي لَهُمَا يَمِينٌ وَاحِدَةٌ، أَمْ يَجِبُ يَمِينَانِ؟ قَالَ الْبَغَوِيُّ: يَمِينَانِ. وَقَالَ الْقَفَّالُ: إِنْ حَضَرَا وَادَّعَيَا، حَلَفَتْ يَمِينًا، وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ ابْنِ كَجٍّ. وَقَالَ الْإِمَامُ: إِنْ حَضَرَا وَرَضِيَا بِيَمِينٍ، كَفَتْ. وَإِنْ حَلَّفَهَا أَحَدُهُمَا، ثُمَّ حَضَرَ الْآخَرُ، فَهَلْ لَهُ تَحْلِيفُهَا؟ وَجْهَانِ، لِأَنَّ الْقَضِيَّةَ وَاحِدَةٌ، وَنَفْيُ الْعِلْمِ بِالسَّبْقِ يَشْمَلُهُمَا. فَإِذَا حَلَفَتْ كَمَا يَنْبَغِي، فَقِيلَ: لَا تَحَالُفَ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ، وَقَدْ أَفْضَى الْأَمْرُ إِلَى الْإِشْكَالِ، وَضَعَّفَهُ الْإِمَامُ وَقَالَ: إِنَّمَا حَلَفَتْ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ بِالسَّبْقِ، وَلَمْ تُنْكِرْ جَرَيَانَ أَحَدِ الْعَقْدَيْنِ عَلَى الصِّحَّةِ، فَيَبْقَى التَّدَاعِي وَالتَّحَالُفُ بَيْنَهُمَا. وَالَّذِي أَنْكَرْنَاهُ ابْتِدَاءً التَّحَالُفُ مِنْ غَيْرِ رَبْطِ الدَّعْوَى بِهَا، وَبِهَذَا قَطَعَ الْغَزَالِيُّ. وَإِنْ نَكَلَتْ هِيَ، رَدَدْنَا الْيَمِينَ عَلَيْهِمَا. فَإِنْ حَلَفَا أَوْ نَكَلَا، جَاءَ الْإِشْكَالُ، وَإِلَّا فَيُقْضَى لِلْحَالِفِ، وَإِذَا حَلَفَا وَنَكَلَا، فَلَا شَيْءَ لَهُمَا عَلَيْهَا. وَفِي كِتَابِ الْحَنَّاطِيِّ وَجْهٌ: أَنَّهُمَا إِذَا حَلَفَا وَانْدَفَعَ النِّكَاحَانِ، فَلِكُلِّ وَاحِدٍ عَلَيْهَا مَهْرُ الْمِثْلِ، وَهُوَ ضَعِيفٌ. وَيَمِينُهَا - حَلَفَتْ أَوْ نَكَلَتْ - تَكُونُ عَلَى الْبَتِّ دُونَ نَفْيِ الْعِلْمِ، وَلَا حَاجَةَ إِلَى التَّعَرُّضِ لِعِلْمِهَا.

الْحَالَةُ الثَّانِيَةُ: أَنْ تُقِرَّ لِأَحَدِهِمَا بِالسَّبْقِ، فَيَثْبُتُ النِّكَاحُ (لَهُ) . وَفِي سَمَاعِ دَعْوَى الثَّانِي عَلَيْهَا وَتَحْلِيفِهَا قَوْلَانِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا لَوْ أَقَرَّتْ لِلثَّانِي بَعْدَ إِقْرَارِهَا لِلْأَوَّلِ هَلْ تُغَرَّمُ لِلثَّانِي؟ وَفِيهِ الْقَوْلَانِ السَّابِقَانِ فِي الْإِقْرَارِ لِعَمْرٍو بِدَارٍ أَقَرَّ بِهَا لِزَيْدٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>