فَرْعٌ
حَلَفَتْ لِأَحَدِهِمَا: لَا تَعْلَمُ سَبْقَهُ، لَا تَكُونُ مُقِرَّةً لِلْآخَرِ، وَلَوْ قَالَتْ لِأَحَدِهِمَا: لَمْ يَسْبِقْ، كَانَتْ مُقِرَّةً لِلْآخَرِ، كَذَا قَالَهُ الْإِمَامُ وَالْبَغَوِيُّ. وَالْمُرَادُ إِذَا جَرَى ذَلِكَ بَعْدَ إِقْرَارِهَا بِسَبْقِ أَحَدِهِمَا، وَإِلَّا، فَيَجُوزُ أَنْ يَقَعَا مَعًا، فَلَا تَكُونُ مُقِرَّةً بِسَبْقِ الْآخَرِ.
الضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَدَّعِيَا عَلَيْهَا زَوْجِيَّةً مُطْلَقَةً، وَلَا يَتَعَرَّضَا لِسَبْقٍ، وَلَا لِعِلْمِهَا بِهِ، فَهَذَا يُبْنَى عَلَى أَنَّ دَعْوَى النِّكَاحِ هَلْ يُشْتَرَطُ فِيهَا التَّفْصِيلُ وَذِكْرُ الشُّرُوطِ؟ وَبَيَانُهُ فِي كِتَابِ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَاتِ. فَإِنْ سَمِعْنَا دَعْوَى النِّكَاحِ مُطْلَقَةً، أَوْ فَصَّلَا الْقَدْرَ الْمُحْتَاجَ إِلَيْهِ، وَلَمْ يَتَعَرَّضَا لِلسَّبْقِ، لَزِمَهَا الْجَوَابُ الْحَازِمُ، وَلَا يَكْفِيهَا نَفْيُ الْعِلْمِ بِالسَّابِقِ، لَكِنَّهَا إِذَا لَمْ تَعْلَمْ، فَلَهَا الْجَوَابُ الْجَازِمُ وَالْحَلْفُ أَنَّهَا لَيْسَتْ زَوْجَتَهُ، وَهَذَا كَمَا إِذَا ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ أَنَّ أَبَاهُ أَتْلَفَ كَذَا، وَطَلَبَ غُرْمَهُ مِنَ التَّرِكَةِ، حَلَفَ الْوَارِثُ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ أَنَّ أَبَاهُ أَتْلَفَ.
وَلَوِ ادَّعَى (أَنَّ) عَلَيْهِ تَسْلِيمَ كَذَا مِنَ التَّرِكَةِ، حَلَفَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ التَّسْلِيمُ. وَعَدَمُ الْعِلْمِ يَجُوزُ لَهُ الْحَلْفُ الْجَازِمُ.
هَذَا كُلُّهُ إِذَا كَانَتِ الدَّعْوَى عَلَى الْمَرْأَةِ. فَإِنِ ادَّعَيَا عَلَى الْوَلِيِّ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُجْبَرًا، لَمْ تُسْمَعِ الدَّعْوَى، لِأَنَّ إِقْرَارَهُ لَا يُقْبَلُ. وَإِنْ كَانَ مُجْبَرًا، فَوَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: كَذَلِكَ، لِأَنَّهُ كَالْوَكِيلِ. وَأَصَحُّهُمَا: تُسْمَعُ، لِأَنَّ إِقْرَارَهُ مَقْبُولٌ، وَمَنْ قُبِلَ إِقْرَارُهُ، تَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ الدَّعْوَى وَالْيَمِينُ، فَعَلَى هَذَا إِنْ كَانَتْ صَغِيرَةً، حَلَفَ الْأَبُ. وَإِنْ كَانَتْ كَبِيرَةً، فَوَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: لَا يَحْلِفُ، لِلْقُدْرَةِ عَلَى تَحْلِيفِهَا. وَأَصَحُّهُمَا: يَحْلِفُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute