الِابْنِ لِزَوْجَتِهِ نِصْفُ الْمُسَمَّى؟ فِيهِ أَوْجُهٌ. قَالَ ابْنُ الْحَدَّادِ: لَا، إِذْ لَا صُنْعَ لَهُ. وَقَالَ آخَرُونَ: نَعَمْ، إِذْ لَا صُنْعَ لَهَا. وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ: إِنْ كَانَتْ زَوْجَةُ الِابْنِ نَائِمَةً، أَوْ صَغِيرَةً لَا تَعْقِلُ، أَوْ مُكْرَهَةً، وَجَبَ. وَإِنْ كَانَتْ عَاقِلَةً طَاوَعَتِ الْأَبَ تَظُنُّهُ زَوْجَهَا، فَلَا شَيْءَ لَهَا. فَإِنْ أَوْجَبْنَا، رَجَعَ الِابْنُ عَلَى أَبِيهِ، لِأَنَّهُ فَوَّتَ نِكَاحَهُ. وَهَلْ يَرْجِعُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ، أَمْ بِنِصْفِهِ، أَمْ بِمَا غَرُمَ؟ فِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ نُوَضِّحُهَا فِي «كِتَابِ الرَّضَاعِ» إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
وَأَمَّا إِنْ سَبَقَ وَطْءُ الِابْنِ، فَعَلَيْهِ لِزَوْجَتِهِ نِصْفُ الْمُسَمَّى. وَهَلْ يَلْزَمُ الْأَبَ لِزَوْجَتِهِ نِصْفُ الْمُسَمَّى؟ فِيهِ الْأَوْجُهُ. فَإِنْ أَلْزَمْنَاهُ، رَجَعَ عَلَى الِابْنِ كَمَا ذَكَرْنَا. وَلَوْ وَقَعَ الْوَطْآنِ مَعًا، فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ نِصْفُ مَا سَمَّى لِزَوْجَتِهِ. وَهَلْ يَرْجِعُ عَلَى الْآخَرِ؟ وَجْهَانِ. قَالَ الْقَفَّالُ: يَرْجِعُ كُلُّ وَاحِدٍ عَلَى صَاحِبِهِ بِنِصْفِ مَا كَانَ يَرْجِعُ بِهِ لَوِ انْفَرَدَ، وَيُهْدَرُ نِصْفُهُ كَالِاصْطِدَامِ، فَإِنَّهَا حَرُمَتْ بِفِعْلِهِمَا، وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ: لَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ.
(الْفَرْعُ) الثَّانِي: نَكَحَ امْرَأَتَيْنِ فِي عَقْدٍ، فَبَانَتْ إِحْدَاهُمَا أُمَّ الْأُخْرَى، بَطَلَ النِّكَاحَانِ. وَلَا شَيْءَ لِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا، إِلَّا أَنْ يَطَأَ، فَيَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ. وَلَوْ نَكَحَهُمَا فِي عَقْدَيْنِ، وَوَطِئَ إِحْدَاهُمَا، ثُمَّ بَانَ الْحَالُ، نَظَرَ، إِنْ سَبَقَ نِكَاحُ الْأُمِّ، فَإِنْ كَانَتْ هِيَ الْمَوْطُوءَةَ، فَنِكَاحُهَا بِحَالِهِ، وَالْأُخْرَى مُحَرَّمَةٌ. وَإِنْ كَانَتِ الْبِنْتُ هِيَ الْمَوْطُوءَةَ، فَالنِّكَاحَانِ بَاطِلَانِ، لِأَنَّ الْبِنْتَ نَكَحَهَا وَعِنْدَهُ أُمُّهَا، وَالْأُمُّ أُمٌّ مَوْطُوءَةٌ بِشُبْهَةٍ، وَلَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ الْبِنْتَ مَتَى شَاءَ، لِأَنَّهَا رَبِيبَةٌ لَمْ يَدْخُلْ بِأُمِّهَا، وَيَجِبْ لِلْبِنْتِ مَهْرُ الْمِثْلِ، وَلِلْأُمِّ نِصْفُ الْمُسَمَّى. وَإِنْ سَبَقَ نِكَاحُ الْبِنْتِ، فَإِنْ كَانَتْ هِيَ الْمَوْطُوءَةَ، فَنِكَاحُهَا بِحَالِهِ، وَالْأُمُّ حَرَامٌ أَبَدًا. وَإِنْ كَانَتِ الْمَوْطُوءَةُ الْأُمَّ، بَطَلَ النِّكَاحَانِ، وَحَرُمَتَا أَبَدًا، وَلِلْأُمِّ مَهْرُ الْمِثْلِ، وَلِلْبِنْتِ نِصْفُ الْمُسَمَّى. وَإِنْ أُشْبِهَتِ الْمَوْطُوءَةُ، وَعُرِفَتِ الَّتِي سَبَقَ نِكَاحُهَا، ثَبَتَ نِكَاحُ السَّابِقَةِ، لِأَنَّ الْأَصْلَ اسْتِمْرَارُ صِحَّتِهِ، وَلَيْسَ لَهُ نِكَاحُ الثَّانِيَةِ، لِأَنَّ الْأُولَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute