فَرْعٌ
إِذَا قَالَتِ الْمُطَلَّقَةُ ثَلَاثًا: نَكَحْتُ زَوْجًا آخَرَ، فَوَطِئَنِي وَفَارَقَنِي، وَانْقَضَتْ عِدَّتِي مِنْهُ، قُبِلَ قَوْلُهَا عِنْدَ الِاحْتِمَالِ. وَإِنْ أَنْكَرَ الزَّوْجُ الثَّانِي، وَصُدِّقَ فِي أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ إِلَّا نِصْفُ الْمَهْرِ، فَكَذَلِكَ، لِأَنَّهَا مُؤْتَمَنَةٌ فِي انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ، وَالْوَطْءُ يَعْسُرُ إِقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ. ثُمَّ إِنْ ظَنَّ صِدْقَهَا، فَلَهُ نِكَاحُهَا بِلَا كَرَاهَةٍ. وَإِنْ لَمْ يَظُنَّهُ، اسْتُحِبَّ أَنْ لَا يَتَزَوَّجَهَا. وَإِنْ قَالَ: هِيَ كَاذِبَةٌ، لَمْ يَكُنْ لَهُ نِكَاحُهَا. فَإِنْ قَالَ بَعْدَهُ: تَبَيَّنْتُ صِدْقَهَا، فَلَهُ نِكَاحُهَا.
قُلْتُ: قَدْ جَزَمَ الْفُورَانِيُّ بِأَنَّهُ إِذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ كَذِبُهَا، لَمْ تَحِلَّ لَهُ. وَتَابَعَهُ الْغَزَالِيُّ عَلَى هَذَا، وَهُوَ غَلَطٌ عِنْدَ الْأَصْحَابِ، وَقَدْ نَقَلَ الْإِمَامُ اتِّفَاقَ الْأَصْحَابِ عَلَى أَنَّهَا تَحِلُّ وَإِنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ كَذِبُهَا إِذَا كَانَ الصِّدْقُ مُمْكِنًا. قَالَ: وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ الْفُورَانِيُّ غَلَطٌ، وَهُوَ مِنْ عَثَرَاتِ الْكُتَّابِ، وَلَعَلَّ الرَّافِعِيَّ لَمْ يَحْكِ هَذَا الْوَجْهَ، لِشِدَّةِ ضَعْفِهِ، وَلِقَوْلِ الْإِمَامِ: إِنَّهُ غَلَطٌ. قَالَ إِبْرَاهِيمُ الْمَرُّوذِيُّ: وَلَوْ كَذَّبَهَا الزَّوْجُ وَالْوَلِيُّ وَالشُّهُودُ، لَمْ تَحِلَّ عَلَى الْأَصَحِّ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.
طَلَّقَ زَوْجَتَهُ الْأَمَةَ، ثُمَّ اشْتَرَاهَا قَبْلَ وَطْءِ زَوْجٍ، لَا يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا بِمِلْكِ الْيَمِينِ عَلَى الصَّحِيحِ، لِظَاهِرِ الْقَرَانِ.
قُلْتُ: قَالَ الْعُلَمَاءُ: الْحِكْمَةُ فِي اشْتِرَاطِ التَّحْلِيلِ، التَّنْفِيرُ مِنَ الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute