للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إِلَّا حُرَّةً لَا تَرْضَى إِلَّا بِأَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ مِثْلِهَا، وَهُوَ وَاجِدُهُ، فَنَقَلَ الْبَغَوِيُّ: أَنَّهُ لَا يَنْكِحُ أَمَةً. وَنَقَلَ الْمُتَوَلِّي جَوَازَهُ. وَقَالَ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ: إِنْ كَانَتْ زِيَادَةً يُعَدُّ بَذْلُهَا إِسْرَافًا، حَلَّتِ الْأَمَةُ، وَإِلَّا، فَلَا. وَفَرَّقُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَاءِ فِي التَّيَمُّمِ، بِأَنَّ الْحَاجَةَ إِلَى الْمَاءِ تَتَكَرَّرُ، وَبِأَنَّ هَذَا النَّاكِحَ لَا يُعَدُّ مَغْبُونًا.

قُلْتُ: قَطَعَ آخَرُونَ بِمُوَافَقَةِ الْمُتَوَلِّي، وَهُوَ الْأَصَحُّ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

وَلَوْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى مَهْرٍ، وَوَجَدَ حُرَّةً تَرْضَى بِمَهْرٍ مُؤَجَّلٍ، وَهُوَ يَتَوَقَّعُ الْقُدْرَةَ عَلَيْهِ عِنْدَ الْمَحَلِّ، أَوْ وَجَدَ مَنْ يَبِيعُهُ نَسِيئَةً مَا يَفِي بِصَدَاقِهَا، أَوْ وَجَدَ مَنْ يَسْتَأْجِرُهُ بِأُجْرَةٍ مُعَجَّلَةٍ، أَوْ رَضِيَتْ حُرَّةٌ بِأَنْ يَنْكِحَهَا بِلَا مَهْرٍ، حَلَّتِ الْأَمَةُ عَلَى الْأَصَحِّ. وَلَوْ أُقْرِضَ مَهْرَهَا، لَمْ يَجِبِ الْقَبُولُ عَلَى الْمَذْهَبِ، لِاحْتِمَالِ الْمُطَالَبَةِ فِي الْحَالِ. وَقِيلَ بِالْوَجْهَيْنِ. وَلَوْ رَضِيَتْ حُرَّةٌ بِدُونِ مَهْرِ مِثْلِهَا، وَهُوَ يَجِدُهُ، لَمْ تَحِلَّ الْأَمَةُ عَلَى الْمَذْهَبِ، لِأَنَّ الْمِنَّةَ فِيهِ قَلِيلَةٌ، إِذِ الْعَادَةُ الْمُسَامَحَةُ فِي الْمُهُورِ. وَلَوْ وُهِبَ لَهُ مَالٌ أَوْ جَارِيَةٌ، لَمْ يَلْزَمْهُ الْقَبُولُ، وَحَلَّتِ الْأَمَةُ. وَمَنْ لَهُ مَسْكَنٌ وَخَادِمٌ، هَلْ لَهُ نِكَاحُ الْأَمَةِ، أَمْ عَلَيْهِ بَيْعُهُمَا وَصَرْفُهُمَا إِلَى طَوْلِ حُرَّةٍ؟ وَجْهَانِ حَكَاهُمَا ابْنُ كَجٍّ.

قُلْتُ: أَصَحُّهُمَا الْأَوَّلُ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

وَالْمَالُ الْغَائِبُ لَا يَمْنَعُ نِكَاحَ الْأَمَةِ، كَمَا لَا يَمْنَعُ ابْنُ السَّبِيلِ الزَّكَاةَ. وَمَنْ هُوَ مُعْسِرٌ، وَلَهُ ابْنٌ مُوسِرٌ، يَجُوزُ لَهُ نِكَاحُ الْأَمَةِ إِنْ لَمْ نُوجِبْ عَلَى الِابْنِ إِعْفَافَهُ. وَإِنْ أَوْجَبْنَاهُ، فَوَجْهَانِ، لِأَنَّهُ مُسْتَغْنٍ بِمَالِ الِابْنِ.

قُلْتُ: أَصَحُّهُمَا: الْمَنْعُ، وَبِهِ قَطَعَ جَمَاعَةٌ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

<<  <  ج: ص:  >  >>