كِتَابِيَّةً، وَقُلْنَا: إِنَّ هَذِهِ الْمَعَانِيَ لَا تَمْنَعُ نِكَاحَ الْأَمَةِ، بَطَلَ نِكَاحُ الْأَمَةِ قَطْعًا، لِاسْتِغْنَائِهِ عَنْهُ. وَفِي الْحُرَّةِ طَرِيقَانِ. أَظْهَرُهُمَا عِنْدَ الْإِمَامِ وَبِهِ قَالَ صَاحِبُ «التَّلْخِيصِ» : أَنَّهُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ. وَقَالَ ابْنُ الْحَدَّادِ وَأَبُو زَيْدٍ وَآخَرُونَ: يَبْطُلُ قَطْعًا، لِأَنَّهُ جَمَعَ بَيْنَ امْرَأَتَيْنِ يَجُوزُ إِفْرَادُ كُلٍّ مِنْهُمَا، وَلَا يَجُوزُ الْجَمْعُ، فَأَشْبَهَ الْأُخْتَيْنِ، وَمَنْ قَالَ بِالْأَوَّلِ، فَرَّقَ بِأَنَّ الْأُخْتَيْنِ لَيْسَ فِيهِمَا أَقْوَى (وَالْحُرَّةُ أَقْوَى) . وَلَوْ جَمَعَ بَيْنَ مُسْلِمَةٍ وَوَثَنِيَّةٍ، أَوْ أَجْنَبِيَّةٍ وَمَحْرَمٍ، أَوْ خَلِيَّةٍ وَمُعْتَدَّةٍ أَوْ مُزَوَّجَةٍ، فَهُوَ كَالْجَمْعِ بَيْنَ الْحُرَّةِ وَالْأَمَةِ لِمَنْ لَا تَحِلُّ لَهُ الْأَمَةُ. وَإِذَا صَحَّحْنَا نِكَاحَ مَنْ تَحِلُّ (لَهُ) ، فَقَدْ سَبَقَ فِي تَفْرِيقِ «الصَّفْقَةِ» قَوْلُ: أَنَّهَا تَسْتَحِقُّ جَمِيعَ الْمُسَمَّى، وَأَنَّ الْمَذْهَبَ أَنَّهَا لَا تَسْتَحِقُّ جَمِيعَهُ، بَلْ تَسْتَحِقُّ مَهْرَ الْمِثْلِ فِي قَوْلٍ، وَمَا يَخُصُّ مَهْرَ مِثْلِهَا مِنَ الْمُسَمَّى إِذَا وُزِّعَ عَلَى مَهْرِ مِثْلِهَا وَمَهْرِ مِثْلِ الْأُخْرَى فِي قَوْلٍ. فَإِنْ قُلْنَا: تَسْتَحِقُّ جَمِيعَ الْمُسَمَّى، فَلِلزَّوْجِ الْخِيَارُ فِي فَسْخِ الصَّدَاقِ وَالرُّجُوعِ إِلَى مَهْرِ الْمِثْلِ كَمَا ذَكَرْنَا فِي بَابِ «التَّفْرِيقِ» . وَإِنْ قُلْنَا: تَسْتَحِقُّ مَهْرَ الْمِثْلِ، فَلَا فَسْخَ، إِذْ لَا فَائِدَةَ (فِيهِ) ، فَإِنَّهُ لَوْ فَسَخَ لَرَجَعَ إِلَيْهِ. وَإِنْ قُلْنَا: تَسْتَحِقُّ حِصَّةَ مَهْرِ الْمِثْلِ مِنَ الْمُسَمَّى، قَالَ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ: إِنْ كَانَ الْمُسَمَّى مِمَّا يُمْكِنُ قِسْمَتُهُ، كَالْحُبُوبِ، فَلَا خِيَارَ. وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يُمْكِنُ، كَالْعَبْدِ، فَلَهُ الْخِيَارُ، لِتَضَرُّرِهِ بِالتَّشْقِيصِ. فَإِنْ فُسِخَ، فَعَلَيْهِ مَهْرُ الْمِثْلِ.
وَاعْلَمْ أَنَّ الْجَمِيعَ بَيْنَ مَنْ يَحِلُّ وَمَنْ لَا يَحِلُّ، يُتَصَوَّرُ بِأَنْ يَكُونَ الْمُزَوِّجُ وَلِيَّهُمَا، بِأَنْ زَوَّجَ أَمَتَهُ وَبِنْتَهُ، أَوْ كَانَ وَكِيلًا لِوَلِيَّيْنِ، أَوْ وَلِيَّ إِحْدَاهُمَا وَوَكِيلًا فِي الْأُخْرَى. وَمَوْضِعُ الْخِلَافِ إِذَا قَالَ: زَوَّجْتُكَ هَذِهِ وَهَذِهِ بِكَذَا، فَقَالَ: قَبِلْتُ نِكَاحَهُمَا بِكَذَا. فَأَمَّا إِذَا قَالَ: زَوَّجْتُكَ بِنْتِي هَذِهِ، وَزَوَّجْتُكَ أَمَتِي هَذِهِ، فَقَالَ: قَبِلْتُ نِكَاحَ بِنْتِكَ، وَقَبِلْتُ نِكَاحَ أَمَتِكَ، أَوِ اقْتَصَرَ عَلَى قَبُولِ نِكَاحِ الْبِنْتِ، فَنِكَاحُ الْبِنْتِ صَحِيحٌ بِلَا خِلَافٍ، وَلَوْ فَصَّلَ الْمُزَوِّجُ، وَقَالَ الزَّوْجُ: قَبِلْتُ نِكَاحَهُمَا، أَوْ جَمَعَ الْمُزَوِّجُ، وَفَصَّلَ الزَّوْجُ، فَهَلْ هُوَ كَمَا لَوْ فَصَّلَا جَمِيعًا، أَوْ كَمَا جَمَعَا جَمِيعًا؟ وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: الْأَوَّلُ.
وَلَوْ جَمَعَ بَيْنَ أُخْتَيْنِ وَأَمَةٍ وَهُوَ مِمَّنْ يَحِلُّ لَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute