لِأَنَّهُ لَا كِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ، وَلَا نَتَيَقَّنُهُ مِنْ قَبْلُ، فَنَحْتَاطُ. وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ وَأَبُو عُبَيْدِ بْنُ حَرْبَوَيْهِ: يَحِلُّ إِنْ قُلْنَا: كَانَ لَهُمْ كِتَابٌ، وَهَذَا ضَعِيفٌ عِنْدَ الْأَصْحَابِ.
فَرْعٌ
الْكِتَابِيَّةُ كَالْمُسْلِمَةِ فِي النَّفَقَةِ وَالْقَسْمِ وَالطَّلَاقِ وَعَامَّةِ أَحْكَامِ النِّكَاحِ، لَكِنْ لَا تَوَارُثَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمُسْلِمِ وَلَا تُغَسِّلُهُ إِذَا اعْتَبَرْنَا نِيَّةَ الْغَاسِلِ وَلَمْ نُصَحِّحْ نِيَّتَهَا. وَإِذَا طَهُرَتْ عَنْ حَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ، أَلْزَمَهَا الزَّوْجُ الِاغْتِسَالَ. فَإِنِ امْتَنَعَتْ، أَجْبَرْنَاهَا عَلَيْهِ وَاسْتَبَاحَهَا وَإِنْ لَمْ تَنْوِ، لِلضَّرُورَةِ، كَمَا تُجْبَرُ الْمُسْلِمَةُ الْمَجْنُونَةُ. وَعَنِ الْحَلِيمِيِّ تَخْرِيجًا عَلَى الْإِجْبَارِ عَلَى الْغُسْلِ، أَنَّ لِلسَّيِّدِ إِجْبَارَ أَمَتِهِ الْمَجُوسِيَّةِ وَالْوَثَنِيَّةِ عَلَى الْإِسْلَامِ، لِأَنَّ حِلَّ الِاسْتِمْتَاعِ يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ. وَالصَّحِيحُ خِلَافُهُ، لِأَنَّ الرِّقَّ أَفَادَهَا الْأَمَانَ مِنَ الْقَتْلِ فَلَا تُجْبَرُ كَالْمُسْتَأْمَنَةِ، وَلَيْسَ كَالْغُسْلِ، فَإِنَّهُ لَا يَعْظُمُ الْأَمْرُ فِيهِ. وَاخْتَلَفَ نَصُّ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي إِجْبَارِ زَوْجَتِهِ الْكِتَابِيَّةِ عَلَى غُسْلِ الْجَنَابَةِ. وَقَالَ الْجُمْهُورُ: فِي إِجْبَارِهَا قَوْلَانِ. وَقِيلَ: الْإِجْبَارُ إِذَا طَالَتِ الْمُدَّةُ وَكَانَتِ النَّفْسُ تَعَافُهَا، وَعَدَمُهُ فِي غَيْرِ هَذَا الْحَالِ. وَأَمَّا الْمُسْلِمَةُ، فَهِيَ مُجْبَرَةٌ عَلَى الْغُسْلِ مِنَ الْجَنَابَةِ، كَذَا أَطْلَقَهُ الْبَغَوِيُّ.
قُلْتُ: لَيْسَ هُوَ عَلَى إِطْلَاقِهِ، بَلْ هُوَ فِيمَا إِذَا طَالَ بِحَيْثُ حَضَرَ وَقْتُ صَلَاةٍ، فَأَمَّا إِذَا لَمْ تَحْضُرْ صَلَاةٌ، فَفِي إِجْبَارِهَا الْقَوْلَانِ، وَهُمَا مَشْهُورَانِ حَتَّى فِي «التَّنْبِيهِ» . وَالْأَظْهَرُ مِنَ الْقَوْلَيْنِ الْإِجْبَارُ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.
وَتُجْبَرُ الْمُسْلِمَةُ أَوِ الْكِتَابِيَّةُ عَلَى التَّنَظُّفِ، بِالِاسْتِحْدَادِ، وَقَلْمِ الْأَظْفَارِ، وَإِزَالَةِ شَعْرِ الْإِبْطِ وَالْأَوْسَاخِ إِذَا تَفَاحَشَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ بِحَيْثُ نَفَّرَ التَّوَّاقَ، فَإِنْ كَانَ لَا يَمْنَعُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute