أَحَدُهَا: الِانْتِقَالُ مِنْ دِينٍ يُقَرُّ أَهْلُهُ عَلَيْهِ إِلَى مَا يُقَرُّ أَهْلُهُ عَلَيْهِ، كَتَهَوُّدِ نَصْرَانِيٍّ وَعَكْسِهِ، فَهَلْ يُقَرُّ عَلَى مَا انْتَقَلَ إِلَيْهِ بِالْجِزْيَةِ، أَمْ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ إِلَّا الْإِسْلَامُ أَوِ الدِّينُ الَّذِي انْتَقَلَ مِنْهُ؟ فِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ. أَظْهَرُهَا: الْأَوَّلُ، ثُمَّ الثَّانِي.
قُلْتُ: الْأَصَحُّ، لَا يُقْبَلُ مِنْهُ إِلَّا الْإِسْلَامُ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.
فَعَلَى الْأَوَّلِ، تَحِلُّ ذَبِيحَتُهُ. وَإِنْ كَانَتِ امْرَأَةً، حَلَّ لِلْمُسْلِمِ نِكَاحُهَا. وَإِنْ كَانَتْ مَنْكُوحَةَ مُسْلِمٍ، اسْتَمَرَّ نِكَاحُهُ. وَإِنْ قُلْنَا: لَا يُقَرُّ، لَمْ تَحِلَّ ذَبِيحَتُهُ وَلَا نِكَاحُهَا. وَإِذَا انْتَقَلَتْ مَنْكُوحَةُ مُسْلِمٍ، فَكَرِدَّةِ الْمُسْلِمَةِ، فَتَتَنَجَّزُ الْفُرْقَةُ قَبْلَ الدُّخُولِ وَتَقِفُ عَلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ بَعْدَهُ. وَإِذَا قُلْنَا بِالْقَوْلِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ، وَامْتَنَعَ مِنَ الْإِسْلَامِ أَوْ مِنْهُ وَمِنَ الدِّينِ الَّذِي انْتَقَلَ مِنْهُ، فَقَوْلَانِ. أَحَدُهُمَا: يُقْتَلُ كَالْمُرْتَدِّ، وَأَشْبَهُهُمَا: يُلْحَقُ بِمَأْمَنِهِ كَمَنْ نَبَذَ الْعَهْدَ. ثُمَّ هُوَ حَرْبٌ لَنَا، إِنْ ظَفِرْنَا بِهِ قَتَلْنَاهُ. وَلَوْ تَمَجَّسَ يَهُودِيٌّ أَوْ نَصْرَانِيٌّ، فَفِي تَقْرِيرِهِ وَعَدَمِهِ وَمَا يُقْبَلُ مِنْهُ الْأَقْوَالُ. وَقِيلَ: يُمْنَعُ التَّقْرِيرُ قَطْعًا، لِكَوْنِهِ دُونَ دِينِهِ الْأَوَّلِ. فَإِنْ لَمْ نُقِرُّهُ، وَأَبَى الرُّجُوعَ، فَفِي الْقَتْلِ وَالْإِلْحَاقِ بِالْمَأْمَنِ الْقَوْلَانِ. وَعَلَى كُلِّ حَالٍ، لَا تَحِلُّ ذَبِيحَتُهُ وَلَا نِكَاحُهَا. وَإِنْ كَانَتْ مَنْكُوحَةَ مُسْلِمٍ، تَنَجَّزَتِ الْفُرْقَةُ إِنْ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ، وَإِلَّا، فَإِنْ أَسْلَمَتْ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ، أَوْ عَادَتْ إِلَى دِينِهَا وَقَنِعْنَا بِهِ، دَامَ النِّكَاحُ، وَإِلَّا بَانَ حُصُولُ الْفُرْقَةِ مِنْ وَقْتِ الِانْتِقَالِ. وَلَوْ تَمَجَّسَتْ كِتَابِيَّةٌ تَحْتَ كِتَابِيٍّ، فَإِنْ كَانُوا لَا يُجَوِّزُونَ نِكَاحَ الْمَجُوسِ، فَكَتَمَجُّسِهَا تَحْتَ مُسْلِمٍ، وَإِلَّا، فَنُقِرُّهُمَا إِذَا أَسْلَمَا. وَلَوْ تَهَوَّدَ أَوْ تَنَصَّرَ مَجُوسِيٌّ، فَفِي التَّقْرِيرِ الْأَقْوَالُ، فَإِنْ مَنَعْنَاهُ، فَالتَّفْرِيعُ كَمَا سَبَقَ، وَلَا تَحِلُّ ذَبِيحَتُهُ وَنِكَاحُهَا بِحَالٍ، لِأَنَّ الِانْتِقَالَ مِنْ بَاطِلٍ إِلَى بَاطِلٍ لَا يُفِيدُ فَضِيلَةً.
الضَّرْبُ الثَّانِي: انْتِقَالٌ مِمَّا يُقَرُّ عَلَيْهِ إِلَى مَا لَا يُقَرُّ، كَتَوَثُّنِ يَهُودِيٍّ أَوْ نَصْرَانِيٍّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute