للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلَا يَحِلُّ نِكَاحُ الْمُرْتَدِّ لِأَحَدٍ. وَإِذَا ارْتَدَّ الزَّوْجَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الدُّخُولِ، تَنَجَّزَتِ الْفُرْقَةُ، وَبَعْدَهُ نَقِفُ عَلَى الْعِدَّةِ. فَإِنْ جَمَعَهُمَا الْإِسْلَامُ قَبْلَ انْقِضَائِهَا، اسْتَمَرَّ النِّكَاحُ، وَإِلَّا، بَانَ حُصُولُ الْفُرْقَةِ مِنْ وَقْتِ الرِّدَّةِ. وَفِي مُدَّةِ التَّوَقُّفِ، لَا يَحِلُّ الْوَطْءُ، فَلَوْ وَطِئَ، فَلَا حَدَّ، وَتَجِبُ الْعِدَّةُ، وَهُمَا عِدَّتَانِ مِنْ شَخْصٍ، فَهُوَ كَوَطْءِ مُطَلَّقَتِهِ فِي عِدَّتِهِ، وَاجْتِمَاعُهُمَا فِي الْإِسْلَامِ هُنَا كَرَجْعَتِهِ هُنَاكَ، فَيَسْتَمِرُّ النِّكَاحُ إِذَا جَمَعَهُمَا الْإِسْلَامُ فِي الْحَالَاتِ الَّتِي يُحْكَمُ فِيهَا بِثُبُوتِ الرَّجْعَةِ هُنَاكَ. وَلَوْ طَلَّقَهَا فِي مُدَّةِ التَّوَقُّفِ، أَوْ ظَاهَرَ مِنْهَا، أَوْ آلَى تَوَقَّفْنَا. فَإِنْ جَمَعَهُمَا الْإِسْلَامُ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ، تَبَيَّنَّا صِحَّتَهَا، وَإِلَّا، فَلَا. وَلَيْسَ لِلزَّوْجِ إِذَا ارْتَدَّتْ أَنْ يَنْكِحَ أُخْتَهَا فِي مُدَّةِ التَّوَقُّفِ، وَلَا أَرْبَعًا سِوَاهَا، وَلَا أَنْ يَنْكِحَ أَمَةً. فَإِنْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا فِي مُدَّةِ التَّوَقُّفِ، أَوْ خَالَعَهَا، جَازَ لَهُ ذَلِكَ، لِأَنَّهَا إِنْ لَمْ تَعُدْ إِلَى الْإِسْلَامِ، فَقَدْ بَانَتْ بِنَفْسِ الرِّدَّةِ، وَإِلَّا، فَبِالطَّلَاقِ (أَوِ الْخُلْعِ) .

الْقِسْمُ الثَّالِثُ: الِانْتِقَالُ مِنْ دِينٍ بَاطِلٍ إِلَى حَقٍّ، وَهُوَ بَابُ نِكَاحِ الْمُشْرِكِ الْآتِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

فَرْعٌ

مَنْ أَحَدُ أَبَوَيْهِ كِتَابِيٌّ وَالْآخَرُ وَثَنِيٌّ، يُقَرُّ بِالْجِزْيَةِ عَلَى الْمَذْهَبِ. وَأَمَّا مُنَاكَحَتُهُ وَمُنَاكَحَةُ مَنْ أَحَدُ أَبَوَيْهِ مَجُوسِيٌّ وَالْآخَرُ يَهُودِيٌّ أَوْ نَصْرَانِيٌّ أَوْ ذَبِيحَتُهُ، فَإِنْ كَانَتِ الْأُمُّ هِيَ الْكِتَابِيَّةَ، لَمْ يَحِلَّ قَطْعًا، وَكَذَا إِنْ كَانَ هُوَ الْأَبَ عَلَى الْأَظْهَرِ، هَذَا فِي صِغَرِ الْمُتَوَلِّدِ مِنْهُمَا. فَأَمَّا إِذَا بَلَغَ وَتَدَيَّنَ بِدِينِ الْكِتَابِيِّ مِنْهُمَا، فَقَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: تَحِلُّ مُنَاكَحَتُهُ وَذَبِيحَتُهُ. فَمِنَ الْأَصْحَابِ مَنْ أَثْبَتَ هَذَا قَوْلًا، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: لَا أَثَرَ لِبُلُوغِهِ، وَحَمَلَ النَّصَّ عَلَى مَا إِذَا كَانَ أَحَدُ أَبَوَيْهِ يَهُودِيًّا وَالْآخَرُ نَصْرَانِيًّا، فَبَلَغَ وَاخْتَارَ دِينَ أَحَدِهِمَا. وَلَوْ تَوَلَّدَ بَيْنَ يَهُودِيٍّ وَمَجُوسِيَّةٍ، فَبَلَغَ وَاخْتَارَ التَّمَجُّسَ،

<<  <  ج: ص:  >  >>