لَا يَقْتَضِي تَقَدُّمًا وَتَأَخُّرًا بِالزَّمَانِ، فَلَا يَظْهَرُ تَقَدُّمُ إِسْلَامِهَا عَلَى إِسْلَامِ الزَّوْجِ: قَالَ: وَإِنْ أَسْلَمَتْ عَقِبَ إِسْلَامِ الْأَبِ، بَطَلَ النِّكَاحُ أَيْضًا، لِأَنَّ إِسْلَامَ الْوَلَدِ يَحْصُلُ حُكْمًا، وَإِسْلَامُهَا يَحْصُلُ بِالْقَوْلِ، وَالْحُكْمِيُّ يَكُونُ سَابِقًا لِلْقَوْلِيِّ، فَلَا يَتَحَقَّقُ إِسْلَامُهُمَا مَعًا.
فَرْعٌ
حَيْثُ تَوَقَّفْنَا فِي النِّكَاحِ وَانْتَظَرْنَا الْحَالَ إِلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ، فَطَلَّقَ قَبْلَ انْقِضَائِهَا، فَطَلَاقُهُ مَوْقُوفٌ. فَإِنِ اجْتَمَعَا عَلَى الْإِسْلَامِ فِي الْعِدَّةِ، تَيَقَّنَّا وُقُوعَهُ. وَيُعْتَدُّ مِنْ وَقْتِ الطَّلَاقِ، وَإِلَّا، فَلَا طَلَاقَ. وَقِيلَ: فِي الطَّلَاقِ قَوْلَا وَقْفِ الْعُقُودِ. فَفِي قَوْلٍ: لَا يَقَعُ وَإِنِ اجْتَمَعَا فِي الْإِسْلَامِ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ. وَطُرِدَا فِيمَا إِذَا أَعْتَقَ عَبْدَ أَبِيهِ عَلَى ظَنِّ حَيَاتِهِ، فَبَانَ مَيِّتًا، كَمَا لَوْ بَاعَهُ عَلَى ظَنِّ حَيَاتِهِ فَبَانَ مَيِّتًا. وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ، لِأَنَّ الطَّلَاقَ وَالْعِتْقَ يَقْبَلَانِ صَرِيحَ التَّعْلِيقِ، فَقَبُولُهُمَا تَقْدِيرَ التَّعْلِيقِ أَوْلَى، وَكَذَا يَتَوَقَّفُ فِي الظِّهَارِ وَالْإِيلَاءِ. وَلَوْ قَذَفَهَا وَلَمْ يَجْتَمِعَا عَلَى إِسْلَامٍ فِي الْعِدَّةِ، لَمْ يُلَاعِنْ، وَيُعَزَّرُ إِنْ كَانَتْ هِيَ الْمُتَخَلِّفَةَ، وَيُحَدُّ إِنْ كَانَ هُوَ الْمُتَخَلِّفَ.
وَإِنِ اجْتَمَعَا عَلَى الْإِسْلَامِ، فَلَهُ أَنْ يُلَاعِنَ لِدَفْعِ الْحَدِّ أَوِ التَّعْزِيرِ. وَلَوْ سَبَقَ الزَّوْجُ إِلَى الْإِسْلَامِ، وَالزَّوْجَةُ وَثَنِيَّةٌ، فَنَكَحَ فِي زَمَنِ التَّوَقُّفِ أُخْتَهَا الْمُسْلِمَةَ أَوْ أَرْبَعًا سِوَاهَا، لَمْ يَصِحَّ. وَكَذَا لَوْ طَلَّقَهَا رَجْعِيَّةً فِي الشِّرْكِ ثُمَّ أَسْلَمَ وَنَكَحَ فِي الْعِدَّةِ أُخْتَهَا الْمُسْلِمَةَ أَوْ أَرْبَعًا سِوَاهَا، لِأَنَّ زَوَالَ نِكَاحِهَا غَيْرُ مُتَيَقَّنٍ، فَلَا يَنْكِحُ مَنْ لَا يَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَهَا وَبَيْنَهَا. وَقَالَ الْمُزَنِيُّ: يَتَوَقَّفُ فِيمَنْ نَكَحَهَا. فَإِنْ أَسْلَمَتِ الْمُتَخَلِّفَةُ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ، بَانَ بُطْلَانُ نِكَاحِ الثَّانِيَةِ، وَإِلَّا، بَانَ صِحَّتُهُ.
وَذَكَرَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ، أَنَّهُ عَلَى قَوْلَيْ وَقْفِ الْعُقُودِ. فَعَلَى قَوْلٍ: هُوَ كَمَا قَالَ الْمُزَنِيُّ. وَالْمَذْهَبُ هُوَ الْأَوَّلُ، وَهُوَ الْمَنْصُوصُ، وَبِهِ قَطَعَ الْجَمَاهِيرُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute