وَأَظْهَرُهُمَا وَمُخْتَارُ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ: الْأَخْذُ بِظَاهِرِ النَّصِّ، لِأَنَّ عُرُوضَ الْإِحْرَامِ لَا يُؤَثِّرُ كَمَا فِي نِكَاحِ الْمُسْلِمِ، وَلِأَنَّ الْإِمْسَاكَ اسْتِدَامَةٌ، فَأَشْبَهَ الرَّجْعَةَ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: نَكَحَ فِي الْكُفْرِ حُرَّةً وَأَمَةً، ثُمَّ أَسْلَمَ وَأَسْلَمَتَا مَعَهُ، فَالْمَذْهَبُ أَنَّ الْحُرَّةَ تَتَعَيَّنُ لِلنِّكَاحِ، وَيَنْدَفِعُ نِكَاحُ الْأَمَةِ. وَسَوَاءٌ نَكَحَهُمَا مَعًا أَوْ مُرَتَّبًا، وَتَنْدَفِعُ الْأَمَةُ أَيْضًا بِالْيَسَارِ الْمُقَارِنِ لِلْإِسْلَامِ. وَقِيلَ: فِي انْدِفَاعِهَا فِي الصُّورَتَيْنِ قَوْلَانِ، بِنَاءً عَلَى الْأَصْلِ الْمَذْكُورِ. وَالْحَاصِلُ لِلْفَتْوَى، أَنَّهُ مَتَى أَسْلَمَ وَتَحْتَهُ أَمَةٌ وَأَسْلَمَتْ مَعَهُ، أَوْ جَمَعَهُمَا الْإِسْلَامُ فِي الْعِدَّةِ، فَإِنْ كَانَ يَحِلُّ لَهُ نِكَاحُ الْأَمَةِ أَمْسَكَهَا، وَإِنْ لَمْ يَحِلَّ لِيَسَارٍ أَوْ أَمْنِ الْعَنَتِ، انْدَفَعَ نِكَاحُهَا.
[الْمَسْأَلَةُ] الرَّابِعَةُ: أَسْلَمَتْ بَعْدَ الدُّخُولِ وَارْتَدَّتْ، فَإِنْ لَمْ يُسْلِمِ الزَّوْجُ حَتَّى انْقَضَتِ الْعِدَّةُ، بَانَتْ بِاخْتِلَافِ الدِّينِ أَوَّلًا، وَتَكُونُ الْعِدَّةُ مِنْ يَوْمِئِذٍ. وَإِنْ أَسْلَمَ قَبْلَ انْقِضَائِهَا، سَقَطَ حُكْمُ تِلْكَ الْعِدَّةِ مِنْ يَوْمِئِذٍ، وَنَتَوَقَّفُ. فَإِنْ عَادَتْ إِلَى الْإِسْلَامِ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ مِنْ وَقْتِ رِدَّتِهَا، اسْتَمَرَّ النِّكَاحُ، وَإِلَّا، انْقَطَعَ مِنْ يَوْمِ الرِّدَّةِ، وَكَذَا لَوْ أَسْلَمَ الزَّوْجُ بَعْدَ الدُّخُولِ وَارْتَدَّ، إِنْ لَمْ تُسْلِمِ الْمَرْأَةُ إِلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ مِنْ وَقْتِ إِسْلَامِهِ، بَانَتْ، وَإِنْ أَسْلَمَتْ، تَوَقَّفْنَا، فَإِنْ عَادَ الزَّوْجُ إِلَى الْإِسْلَامِ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ مِنْ وَقْتِ رِدَّتِهِ، اسْتَمَرَّ النِّكَاحُ، وَإِلَّا، حَصَلَتِ الْفُرْقَةُ مِنْ يَوْمِئِذٍ. قَالَ الْإِمَامُ: وَحَكَى الْقَفَّالُ عَنِ النَّصِّ أَنَّهُ يَنْدَفِعُ النِّكَاحُ فِي إِسْلَامِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ وَارْتِدَادِهِ، وَلَا يَتَوَقَّفُ، وَالْمَشْهُورُ التَّوَقُّفُ. وَعَلَى هَذَا قَالَ الْبَغَوِيُّ وَغَيْرُهُ: الرِّدَّةُ يَفْتَرِقُ فِيهَا حُكْمُ الِابْتِدَاءِ وَالِاسْتِدَامَةِ، لِأَنَّ ابْتِدَاءَ نِكَاحِ الْمُرْتَدِّ بَاطِلٌ غَيْرُ مُنْعَقِدٍ عَلَى التَّوَقُّفِ، وَفِي الدَّوَامِ تَوَقَّفْنَا، فَالْتَحَقَتِ الرِّدَّةُ بِالْعِدَّةِ لِلشُّبْهَةِ وَالْإِحْرَامِ. وَإِنَّمَا قِيلَ بِالتَّوَقُّفِ فِي الرِّدَّةِ، وَلَمْ نُجَوِّزِ الِاخْتِيَارَ فِيهَا بِخِلَافِ الْإِحْرَامِ وَالْعِدَّةِ، لِأَنَّ مُنَافَاةَ الرِّدَّةِ لِلنِّكَاحِ أَشَدُّ، فَإِنَّهَا تَقْطَعُهُ، بِخِلَافِهِمَا، وَلِهَذَا لَا تَجُوزُ الرَّجْعَةُ فِي الرِّدَّةِ، وَتَجُوزُ فِي الْإِحْرَامِ عَلَى الْأَصَحِّ. وَلَوْ أَسْلَمَ وَتَحْتَهُ أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعٍ، وَارْتَدَّ، ثُمَّ أَسْلَمَتِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute