بِالدَّفْعِ إِلَيْهَا، ثُمَّ الِاسْتِرْدَادِ مِنْهَا. لَكِنْ ذَكَرَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَالْإِمَامُ، أَنَّهُ لَا مَعْنَى لِلدَّفْعِ إِلَيْهَا وَالِاسْتِرْدَادِ، وَيَعُودُ مَعْنَى الرُّجُوعِ إِلَى أَنَّهُ لَا يُغَرَّمُ لَهَا. وَهَلْ يَجِبُ لَهَا أَقَلُّ مَا يَجُوزُ صَدَاقًا لِئَلَّا يَخْلُوَ النِّكَاحُ عَنْ مَهْرٍ؟ وَجْهَانِ. وَيُقَالُ: قَوْلَانِ.
قُلْتُ: الْأَصَحُّ عِنْدَ مَنْ قَالَ بِالرُّجُوعِ، أَنَّهُ لَا يُبْقِي لَهَا شَيْئًا، وَيَكْفِي فِي حُرْمَةِ النِّكَاحِ أَنَّهُ وَجَبَ لَهَا ثُمَّ اسْتُرِدَّ بِالتَّغْرِيرِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَإِنْ كَانَ التَّغْرِيرُ مِنَ الْوَلِيِّ، بِأَنْ خَطَبَ إِلَيْهِ فَزَوَّجَ وَهُوَ مُجْبَرٌ أَوْ غَيْرُهُ بِإِذْنِهَا وَلَمْ يَذْكُرْ لِلْخَاطِبِ عَيْبَهَا، فَإِنْ كَانَ عَالِمًا بِالْعَيْبِ، رَجَعَ عَلَيْهِ بِجَمِيعِ مَا غُرِّمَ. وَإِنْ كَانَ جَاهِلًا، فَوَجْهَانِ ; لِأَنَّهُ غَيْرُ مُقْتَصِرٍ، لَكِنَّ ضَمَانَ الْمَالِ لَا يَسْقُطُ بِالْجَهْلِ. فَإِنْ قُلْنَا: لَا رُجُوعَ إِذَا جَهِلَ، فَذَلِكَ إِذَا لَمْ يَكُنْ مَحْرَمًا كَابْنِ عَمٍّ وَمُعْتَقٍ وَقَاضٍ، وَحِينَئِذٍ يَكُونُ الرُّجُوعُ عَلَى الْمَرْأَةِ. فَأَمَّا الْمَحْرَمُ، فَلَا يَخْفَى عَلَيْهِ الْحَالُ غَالِبًا، وَإِنْ خَفِيَ فَلِتَقْصِيرِهِ، فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ مَعَ الْجَهْلِ عَلَى الصَّحِيحِ. فَإِذَا قُلْنَا: لَا رُجُوعَ عَلَى الْجَاهِلِ، فَعَلَى الزَّوْجِ إِثْبَاتُ الْعِلْمِ بِبَيِّنَةٍ عَلَى إِقْرَارِ الْوَلِيِّ بِالْعِلْمِ. وَإِنْ غَرَّهُ أَوْلِيَاءُ الزَّوْجَةِ، فَالرُّجُوعُ عَلَيْهِمْ، فَإِنْ جَهِلَ بَعْضُهُمْ وَقُلْنَا: لَا رُجُوعَ عَلَى الْجَاهِلِ، رَجَعَ عَلَى مَنْ عَلِمَ. وَلَوْ وُجِدَ التَّغْرِيرُ مِنْهَا وَمِنَ الْوَلِيِّ، فَهَلْ يَكُونُ الرُّجُوعُ عَلَيْهَا فَقَطْ لِقُوَّةِ جَانِبِهَا، أَمْ عَلَيْهِمَا نِصْفَيْنِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ، وَإِنْ غَرَّتِ الْوَلِيَّ وَغَرَّ الْوَلِيُّ الزَّوْجَ، رَجَعَ الزَّوْجُ عَلَى الْوَلِيِّ وَالْوَلِيُّ عَلَيْهَا، وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لِمَا إِذَا كَانَتْ جَاهِلَةً بِعَيْبِهَا، وَلَا يَبْعُدُ مَجِيءُ الْخِلَافِ فِيهِ.
قُلْتُ: لَا مَجِيءَ لَهُ لِتَقْصِيرِهَا الظَّاهِرِ، لَا سِيَّمَا وَقَدْ قَطَعَ الْجُمْهُورُ بِأَنَّ الْوَلِيَّ الْمَحْرَمَ لَا يُعْذَرُ بِجَهْلِهِ لِتَقْصِيرِهِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute