الْمَشْهُورِ ; لِأَنَّهُ فَوَّتَ رِقَّهُمْ بِظَنِّهِ. وَفِي قَوْلٍ حَكَاهُ الْحَنَّاطِيُّ: لَا شَيْءَ عَلَيْهِ ; لِأَنَّهُ مَعْذُورٌ. فَعَلَى الْمَشْهُورِ إِنْ كَانَ الْمَغْرُورُ حُرًّا، فَالْقِيمَةُ مُسْتَقِرَّةٌ فِي ذِمَّتِهِ، وَإِنْ كَانَ عَبْدًا، فَهَلْ تَتَعَلَّقُ بِذِمَّتِهِ أَمْ بِرَقَبَتِهِ أَمْ بِكَسْبِهِ؟ فِيهِ أَقْوَالٌ، أَظْهَرُهَا الْأَوَّلُ، وَتُعْتَبَرُ قِيمَةُ الْأَوْلَادِ يَوْمَ الْوِلَادَةِ. وَأَمَّا الْأَوْلَادُ الْحَاصِلُونَ بَعْدَ عِلْمِهِ بِرِقِّهَا، فَهُمْ أَرِقَّاءُ، سَوَاءٌ كَانَ الْمَغْرُورُ عَرَبِيًّا أَوْ غَيْرَهُ. وَلِلشَّافِعِيِّ قَوْلٌ: أَنَّ الْعَرَبَ لَا يَجْرِي عَلَيْهِمُ الرِّقَّ، وَالْمَشْهُورُ أَنْ لَا فَرْقَ.
ثُمَّ فِي الْفَصْلِ مَسَائِلُ.
إِحْدَاهَا: فِي الرُّجُوعِ بِالْمَهْرِ الْمَغْرُومِ عَلَى الْغَارِّ قَوْلَانِ كَمَا سَبَقَ فِي الْعَيْبِ، وَأَمَّا قِيمَةُ الْأَوْلَادِ، فَيُرْجَعُ بِهَا عَلَى الْغَارِّ عَلَى الْمَذْهَبِ. وَقِيلَ: فِيهِ الْقَوْلَانِ. وَإِذَا قُلْنَا بِالرُّجُوعِ، فَإِنَّمَا يَرْجِعُ إِذَا غُرِّمَ كَالضَّامِنِ. فَقَدْ سَبَقَ فِي الضَّامِنِ وَجْهٌ ضَعِيفٌ أَنَّهُ يَرْجِعُ قَبْلَ غَرَمِهِ، فَيَجِيءُ مِثْلُهُ هُنَا. وَالصَّحِيحُ، الْمَنْعُ. فَعَلَى هَذَا لَوْ كَانَ الْمَغْرُورُ عَبْدًا وَعَلَّقْنَا الْقَيِّمَةَ بِذِمَّتِهِ، فَإِنَّمَا يَرْجِعُ عَلَى الْغَارِّ بَعْدَ عِتْقِهِ ; لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يُغَرَّمُ. أَمَّا إِذَا عَلَّقْنَاهَا بِكَسْبِهِ أَوْ بِرَقَبَتِهِ، وَغُرِّمَ سَيِّدُهُ مِنْ كَسْبِهِ، أَوْ مِنْ رَقَبَتِهِ، فَيَرْجِعُ فِي الْحَالِ، وَلِلْمَغْرُورِ مُطَالَبَةُ الْغَارِّ بِتَحْصِيلِهِ، كَمَا ذَكَرْنَا فِي «بَابِ الضَّمَانِ» .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: إِذَا كَانَ الْمَغْرُورُ عَبْدًا وَقَدْ دَخَلَ بِالْمَنْكُوحَةِ، فَحَيْثُ يَجِبُ الْمُسَمَّى يَتَعَلَّقُ كَسْبُهُ، وَحَيْثُ يَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ، فَهَلْ يَتَعَلَّقُ بِذِمَّتِهِ، أَمْ بِرَقَبَتِهِ، أَمْ بِكَسْبِهِ؟ فِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ. أَظْهَرُهَا: الْأَوَّلُ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: لَا يُتَصَوَّرُ الْغُرُورُ بِحُرِّيَّةِ الْأُمَّةِ مِنَ السَّيِّدِ ; لِأَنَّهُ مَتَى قَالَ: زَوَّجْتُكَ هَذِهِ الْحُرَّةَ، أَوْ عَلَى أَنَّهَا حُرَّةٌ، عَتَقَتْ. وَإِنَّمَا يُتَصَوَّرُ مِنْ وَكِيلِ السَّيِّدِ فِي تَزْوِيجِهَا، أَوْ مِنْهَا، أَوْ مِنْهُمَا، وَلَا اعْتِبَارَ بِقَوْلِ مَنْ لَيْسَ بِعَاقِدٍ وَلَا مَعْقُودٍ عَلَيْهِ، فَإِنْ كَانَ الْغُرُورُ مِنَ الْوَكِيلِ، رَجَعَ الْمَغْرُورُ عَلَيْهِ بِالْقِيمَةِ إِذَا غُرِّمَهَا، وَبِالْمَهْرِ إِنْ أَثْبَتْنَا الرُّجُوعَ بِهِ. وَإِنْ كَانَ الْغُرُورُ مِنَ الْأَمَةِ الْمَنْكُوحَةِ، كَانَ الرُّجُوعُ عَلَيْهَا،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute