صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ لِلسَّيِّدِ. وَلَوْ نَكَحَ أَمَةً فَمَلَكَهَا مُكَاتَبَهُ، انْفَسَخَ نِكَاحُهُ عَلَى الْأَصَحِّ ; لِأَنَّ تَعَلُّقَ السَّيِّدِ بِمِلْكِ الْمُكَاتَبِ أَشَدُّ مِنْ تَعَلُّقِ الْأَبِ.
قُلْتُ: وَيَجُوزُ نِكَاحُ جَارِيَةِ ابْنِهِ مِنَ الرِّضَاعِ، وَنِكَاحُ جَارِيَةِ أَبِيهِ وَأُمِّهِ قَطْعًا، لِعَدَمِ وُجُوبِ الْإِعْفَافِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
الطَّرَفُ الثَّالِثُ: فِي إِعْفَافِ الْأَبِ. الْمَشْهُورُ أَنَّهُ يَلْزَمُ الْوَلَدَ إِعْفَافُ الْأَبِ. وَخَرَّجَ ابْنُ خَيْرَانَ قَوْلًا أَنَّهُ لَا يَجِبُ، كَمَا لَا يَجِبُ إِعْفَافُ الِابْنِ، وَلَا الْإِعْفَافُ فِي بَيْتِ الْمَالِ، وَلَا عَلَى الْمُسْلِمِينَ. التَّفْرِيعُ عَلَى الْمَشْهُورِ. فَسَبِيلُ الْإِعْفَافِ سَبِيلُ النَّفَقَةِ، فَيَجِبُ لِلْمُعْسِرِ الزَّمِنِ، وَفِي الْمُعْسِرِ الصَّحِيحِ قَوْلَانِ كَالنَّفَقَةِ. وَقِيلَ: حَيْثُ تَجِبُ النَّفَقَةُ، فَالْإِعْفَافُ أَوْلَى، وَإِلَّا فَقَوْلَانِ ; لِأَنَّ النَّفَقَةَ إِذَا لَمْ تَجِبْ عَلَى الْوَلَدِ، وَجَبَتْ فِي بَيْتِ الْمَالِ. وَقِيلَ: حَيْثُ لَا نَفَقَةَ، فَلَا إِعْفَافَ، وَإِلَّا، فَقَوْلَانِ لِأَنَّ النَّفَقَةَ أَهَمُّ، وَلِهَذَا يَجُوزُ لِلْمُضْطَرِّ أَكْلُ طَعَامِ غَيْرِهِ، بِخِلَافِ الْجِمَاعِ.
فَرْعٌ
حَيْثُ وَجَبَ الْإِعْفَافُ، يَسْتَوِي فِي لُزُومِهِ الِابْنُ وَالْبِنْتُ، وَيَثْبُتُ لِلْأَبِ وَالْأَجْدَادِ مِنْ جِهَتَيِ الْأَبِ وَالْأُمِّ وَإِنْ عَلَوَا، وَيَثْبُتُ لِلْكَافِرِ عَلَى الْأَصَحِّ. وَلَوِ اجْتَمَعَ أَصْلَانِ مُحْتَاجَانِ، فَإِنْ وَفَّى مَالُ الْوَلَدِ بِإِعْفَافِهِمَا، وَجَبَ. فَإِنْ لَمْ يَفِ إِلَّا بِأَحَدِهِمَا، نُظِرَ، إِنِ اخْتَلَفَا فِي الدَّرَجَةِ، قُدِّمَ الْأَقْرَبُ إِنِ اسْتَوَيَا فِي الْعُصُوبَةِ أَوْ عَدِمَهَا. فَإِنْ كَانَ لِلْأَبْعَدِ عُصُوبَةٌ دُونَ الْأَقْرَبِ، كَأَبِي أَبِي أَبٍ، مَعَ أَبِي أُمٍّ، فَالْأَوَّلُ أَوْلَى عَلَى الْأَصَحِّ. وَقِيلَ: هُمَا سَوَاءٌ. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِوَاحِدٍ عُصُوبَةٌ، كَأَبِي أُمِّ الْأَبِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute