[الْمَسْأَلَةُ] الثَّالِثَةُ: لِلسَّيِّدِ أَنْ يُسَافِرَ بِالْعَبْدِ وَإِنْ تَضَمَّنَ مَنْعَهُ مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ ; لِأَنَّهُ مَالِكُ الرَّقَبَةِ، كَمَا يُسَافِرُ بِالْأَمَةِ الْمُزَوَّجَةِ، ثُمَّ لِلْعَبْدِ أَنْ يُسَافِرَ بِزَوْجَتِهِ مَعَهُ. قَالَ الْبَغَوِيُّ: وَيَكُونُ الْكِرَاءُ فِي كَسْبِهِ. فَإِنْ لَمْ تَخْرُجِ الزَّوْجَةُ مَعَهُ، أَوْ كَانَتْ رَقِيقَةً فَمَنَعَهَا سَيِّدُهَا، سَقَطَتْ نَفَقَتُهَا. وَإِنْ لَمْ يُطَالِبْهَا الزَّوْجُ بِالْخُرُوجِ، فَالنَّفَقَةُ بِحَالِهَا، وَالسَّيِّدُ يَتَكَفَّلُ بِهَا، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ، فَفِيمَا يُغَرِّمُهُ فِي مُدَّةِ السِّفْرِ الْخِلَافُ السَّابِقُ. هَذَا هُوَ الْمَنْقُولُ فِي الطُّرُقِ، وَنُصَّ عَلَيْهِ فِي «الْمُخْتَصَرِ» . وَنَقَلَ الْإِمَامُ عَنِ الْعِرَاقِيِّينَ، أَنَّهُ [لَيْسَ] لِلسَّيِّدِ اسْتِخْدَامُهُ، وَلَا أَنْ يُسَافِرَ بِهِ مَا بَقِيَتْ عَلَيْهِ مُؤْنَةٌ مِنْ مُؤَنِ النِّكَاحِ، وَجَعَلَ الْمَسْأَلَةَ ذَاتَ خِلَافٍ لِلْأَصْحَابِ، وَلَا يَكَادُ يَتَحَقَّقُ فِيهَا خِلَافٌ.
فَرْعٌ
أَكْثَرُ مَا ذَكَرْنَاهُ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ مُتَفَرِّعٌ عَلَى الْقَوْلِ الْجَدِيدِ، وَهُوَ أَنَّهُ إِذَا أَجْرَى النِّكَاحَ بِإِذْنِ السَّيِّدِ، لَا يَصِيرُ ضَامِنًا بِالْإِذْنِ لِلْمَهْرِ وَالنَّفَقَةِ ; لِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْهُ تَصْرِيحًا وَ [لَا] تَعْرِيضًا. وَقَالَ فِي الْقَدِيمِ: يَصِيرُ ضَامِنًا بِالْإِذْنِ مُلْتَزِمًا الْمَهْرَ وَالنَّفَقَةَ. وَاتَّفَقَ الْأَصْحَابُ عَلَى أَنَّ الْجَدِيدَ هُوَ الْأَظْهَرُ. فَعَلَى الْجَدِيدِ: لَوْ أَذِنَ بِشَرْطِ الضَّمَانِ لَمْ يَصِرْ ضَامِنًا أَيْضًا ; لِأَنَّهُ لَا وُجُوبَ عِنْدَ الْإِذْنِ. وَإِذَا قُلْنَا بِالْقَدِيمِ، فَهَلْ يَجِبُ عَلَى السَّيِّدِ ابْتِدَاءً، أَمْ يُلَاقِي الْعَبْدَ ثُمَّ يَحْمِلُ عَنْهُ السَّيِّدُ؟ وَجْهَانِ حَكَاهُمَا أَبُو الْفَرَجِ الزَّازُ. فَعَلَى الْأَوَّلِ: لَا تَتَوَجَّهُ الْمُطَالَبَةُ إِلَّا عَلَى السَّيِّدِ. وَلَوْ أَبْرَأْتَ الْعَبْدَ، فَهُوَ لَغْوٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute