دُخُولٌ، فَقَدْ ذَكَرْنَا حُكْمَهُ فِي (كِتَابِ الْوَصَايَا) وَسَوَاءٌ دَخَلَ أَمْ لَا، فَلَا تَرِثُ بِالزَّوْجِيَّةِ ; لِأَنَّ عِتْقَهَا وَصِيَّةٌ، وَالْوَصِيَّةُ وَالْإِرْثُ لَا يَجْتَمِعَانِ. فَلَوْ أَثْبَتْنَا الْإِرْثَ، لَزِمَ إِبْطَالُ الْوَصِيَّةِ وَهِيَ الْعِتْقُ، وَإِذَا بَطَلَ بَطَلَتِ الزَّوْجِيَّةُ وَبَطَلَ الْإِرْثُ. وَإِنْ كَانَتِ الْأَمَةُ دُونَ الثُّلُثِ، فَقَدْ تُمْكِنُهَا الْمُطَالَبَةُ بِالْمَهْرِ لِخُرُوجِهَا مِنَ الثُّلُثِ بَعْدَ الدَّيْنِ، وَهَذَا كُلُّهُ تَفْرِيعٌ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمُعْتِقِ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ نِكَاحُهَا، وَهُوَ الصَّحِيحُ. وَحَكَى الْحَنَّاطِيُّ وَالشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ وَجْهًا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَهُوَ كَمَا حَكَيْنَاهُ مِنْ قَبْلُ عَنِ ابْنِ الْحَدَّادِ، أَنَّ الْمُعْتَقَةَ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ نِكَاحُهَا لَا يَجُوزُ لِقَرِينِهَا لِاحْتِمَالِ أَنْ لَا يَخْرُجَ مِنَ الثُّلُثِ عِنْدَ الْمَوْتِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: زَوَّجَ أَمَتَهُ عَبْدَ غَيْرِهِ، وَقَبَضَ الصَّدَاقَ وَأَتْلَفَهُ بِإِنْفَاقٍ وَغَيْرِهِ، ثُمَّ أَعْتَقَهَا فِي مَرَضِ مَوْتِهِ، أَوْ أَوْصَى بِعِتْقِهَا، فَأُعْتِقَتْ وَهِيَ ثُلُثُ مَالِهِ، وَكَانَ ذَلِكَ قَبْلَ الدُّخُولِ، فَلَيْسَ لَهَا خِيَارُ الْعِتْقِ ; لِأَنَّهَا لَوْ فَسَخَتِ النِّكَاحَ لَوَجَبَ رَدُّ الْمَهْرِ مِنْ تَرِكَةِ السَّيِّدِ، وَحِينَئِذٍ لَا يَخْرُجُ كُلُّهَا مِنَ الثُّلُثِ. وَإِذَا بَقِيَ الرِّقُّ فِي الْبَعْضِ، لَمْ يَثْبُتِ الْخِيَارُ، فَإِثْبَاتُ الْخِيَارِ يُؤَدِّي إِلَى إِسْقَاطِهِ، وَكَذَا الْحُكْمُ لَوْ لَمْ يُتْلِفِ الصَّدَاقَ وَكَانَتِ الْأَمَةُ ثُلُثَ مَالِهِ مَعَ الصَّدَاقِ. وَلَوْ خَرَجَتْ مِنَ الثُّلُثِ دُونَ الصَّدَاقِ، أَوِ اتَّفَقَ ذَلِكَ بَعْدَ الدُّخُولِ، فَلَهَا الْخِيَارُ. وَلَوْ كَانَتِ الْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا، إِلَّا أَنَّ الْإِعْتَاقَ وُجِدَ مِنْ وَارِثِهِ بَعْدَ مَوْتِ السَّيِّدِ، نُظِرَ، إِنْ كَانَ الْوَارِثُ مُعْسِرًا، فَلَا خِيَارَ لَهَا ; لِأَنَّهَا لَوْ فَسَخَتْ لَزِمَ رَدُّ الْمَهْرِ مِنْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ. وَإِذَا كَانَ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ، لَمْ نُنَفِّذْ إِعْتَاقَ الْوَارِثِ الْمُعْسِرِ عَلَى الصَّحِيحِ. وَإِذَا لَمْ يُنَفَّذِ الْإِعْتَاقُ، لَمْ يَثْبُتِ الْخِيَارُ. وَإِنْ كَانَ الْوَارِثُ مُوسِرًا، فَقَدْ ذَكَرْنَا فِي (كِتَابِ الرَّهْنَ) خِلَافًا فِي أَنَّ الْوَارِثَ الْمُوسِرَ إِذَا أَعْتَقَ عَبْدَ التَّرِكَةِ وَعَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ، هَلْ يُنَفَّذُ الْعِتْقُ فِي الْحَالِ، أَمْ يَتَوَقَّفُ نُفُوذُهُ عَلَى وُصُولِ دَيْنِ الْغُرَمَاءِ؟ فَإِنْ قُلْنَا: يُنَفَّذُ فِي الْحَالِ وَهُوَ الْأَصَحُّ، عَتَقَتْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute