تُرِكَ لَا يَتَعَيَّبُ، فَلَا يُجْبَرُ الزَّوْجُ عَلَى التَّبَرُّعِ بِالْقَارُورَةِ، لَكِنْ إِنْ تَبَرَّعَ بِهَا أُجْبِرَتِ الْمَرْأَةُ عَلَى الْقَبُولِ إِمْضَاءً لِلْعَقْدِ، وَيَسْقُطُ خِيَارُهَا. وَقِيلَ: لَا تُجْبَرُ عَلَى الْقَبُولِ، وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ. وَهَلْ يَمْلِكُ الْقَارُورَةَ حَتَّى لَا يَتَمَكَّنَ الزَّوْجُ مِنَ الرُّجُوعِ؟ وَإِذَا نَزَعَتْ مَا فِيهَا لَمْ يَجِبْ رَدُّ الْقَارُورَةِ، أَمْ لَا تَمْلِكُ وَإِنَّمَا الْغَرَضُ قَطْعُ الْخُصُومَةِ فَيَتَمَكَّنُ مِنَ الرُّجُوعِ وَإِذَا رَجَعَ يَعُودُ خِيَارُهَا فَيَجِبُ رَدُّ الْقَارُورَةِ إِذَا نَزَعَتْ مَا فِيهَا؟ فِيهِ وَجْهَانِ كَمَا ذَكَرْنَا فِي الْبَيْعِ فِي مَسْأَلَةِ النَّعْلِ وَالْأَحْجَارِ الْمَدْفُونَةِ. وَإِنْ كَانَ الرُّطَبُ لَا يَتَعَيَّبُ بِالنَّزْعِ، وَيَتَعَيَّبُ بِالتَّرْكِ، فَلَهَا مُطَالَبَتُهُ بِالنَّزْعِ، وَلَا خِيَارَ. وَلَوْ تَبَرَّعَ هُوَ بِالْقَارُورَةِ، لَمْ تُجْبَرْ هِيَ عَلَى الْقَبُولِ ; لِأَنَّهُ لَا ضَرُورَةَ إِلَيْهِ.
الْحَالَةُ الثَّانِيَةُ: أَنْ لَا تَكُونَ الثِّمَارُ صَدَاقًا بِأَنْ حَدَثَتْ بَعْدَ الْإِصْدَاقِ فِي يَدِ الزَّوْجِ. فَإِنْ لَمْ يَحْدُثْ نَقْصٌ أَوْ زَادَتِ الْقِيمَةُ، فَالْكُلُّ لَهَا. وَإِنْ حَدَثَ نَقْصٌ فِيهِمَا أَوْ فِي أَحَدِهِمَا، فَلَا خِيَارَ لَهَا ; لِأَنَّ مَا حَدَثَ فِيهِ النَّقْصُ لَيْسَ بِصَدَاقٍ، وَلَهَا الْأَرْشُ. وَحَكَى ابْنُ كَجٍّ وَجْهًا أَنَّ لَهَا الْخِيَارَ وَهُوَ غَلَطٌ. وَإِنْ كَانَ النَّقْصُ بِحَيْثُ لَا يَقِفُ وَيَزْدَادُ إِلَى الْفَسَادِ، فَهَلْ تَأْخُذُ الْحَاصِلَ وَأَرْشَ النَّقْصِ، أَمْ تَتَخَيَّرُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَنْ تُطَالِبَهُ بِغُرْمِ الْجَمِيعِ؟ فِيهِ خِلَافٌ سَبَقَ فِي «الْغَصْبِ» ، فِيمَا إِذَا بَلَّ الْحِنْطَةَ فَعَفِنَتْ. وَفِي «الْعُدَّةِ» أَنَّهَا عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ، تَأْخُذُ أَرْشَ النَّقْصِ فِي الْحَالِ، وَكُلَّمَا ازْدَادَ النَّقْصُ، طَالَبَتْ بِالْأَرْشِ. وَلَوْ كَانَ الرُّطَبُ يَتَعَيَّبُ بِالنَّزْعِ مِنَ الْقَارُورَةِ، وَلَا يَتَعَيَّبُ بِالتَّرْكِ فَتَبَرَّعَ الزَّوْجُ بِالْقَارُورَةِ لَمْ تُجْبَرْ عَلَى الْقَبُولِ ; لِأَنَّهُ لَا حَاجَةَ إِلَيْهِ فِي إِمْضَاءِ الْعَقْدِ هُنَا، هَذَا كُلُّهُ إِذَا كَانَ الصَّقْرُ مِنْ ثَمَرَةِ النَّخْلَةِ، أَمَّا إِذَا كَانَ الصَّقْرُ لِلزَّوْجِ وَالثَّمَرَةُ مِنَ الصَّدَاقِ، فَالنَّظَرُ هُنَاكَ إِلَى نُقْصَانِ الرُّطَبِ وَحْدَهُ، إِنْ نَقَصَ فَلَهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute