الْأَوْسَاخِ عَلَى مَا يَرَاهُ الْقَاضِي مِنْ يَوْمٍ وَيَوْمَيْنِ، وَغَايَةُ الْمُهْلَةِ ثَلَاثَةٌ. وَظَاهِرُ كَلَامِ الْغَزَالِيِّ فِي الْوَسِيطِ، إِثْبَاتُ خِلَافٍ فِي أَنَّ الْمُهْلَةَ بِقَدْرِ مَا تَتَهَيَّأُ، أَمْ تُقَدَّرُ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ؟ وَالْمَذْهَبُ خِلَافُهُ ثُمَّ الْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِ الْأَكْثَرِينَ، أَنَّهُ يَجِبُ الْإِمْهَالُ إِذَا اسْتَمْهَلَتْ فِي الْعِدَّةِ، أَنَّهُ لَيْسَ بِوَاجِبٍ. وَعَنْ نَصِّهِ فِي الْإِمْلَاءِ قَوْلٌ: إِنَّهُ لَا إِمْهَالَ أَصْلًا. وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ، وَلَا تُمْهَلُ لِتَهْيِئَةِ الْجِهَازِ، وَلَا لِانْتِظَارِ السِّمَنِ وَنَحْوَهِمَا، وَلَا بِسَبَبِ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ، بَلْ تُسَلِّمُ لِسَائِرِ الِاسْتِمْتَاعَاتِ كَالرَّتْقَاءِ وَالْقَرْنَاءِ. وَإِنْ كَانَتْ صَغِيرَةً لَا تَحْتَمِلُ الْجِمَاعَ، أَوْ كَانَ بِهَا مَرَضٌ أَوْ هُزَالٌ تَتَضَرَّرُ بِالْوَطْءِ مَعَهُ، أَمُهِلَتْ إِلَى زَوَالِ الْمَانِعِ. وَيُكَرَهُ لِلْوَلِيِّ تَسْلِيمُ هَذِهِ الصَّغِيرَةِ، وَلَا يَجُوزُ لِلزَّوْجِ وَطْؤُهَا إِلَى أَنْ تَصِيرَ مُحْتَمِلَةً. وَلَوْ قَالَ الزَّوْجُ: سَلِّمُوا إِلَيَّ الصَّغِيرَةَ أَوِ الْمَرِيضَةَ وَلَا أَقْرَبُهَا إِلَى أَنْ يَزُولَ مَا بِهَا، قَالَ الْبَغَوِيُّ: يُجَابُ فِي الْمَرِيضَةِ دُونَ الصَّغِيرَةِ ; لِأَنَّ الْأَقَارِبَ أَحَقُّ بِالْحَضَانَةِ وَفِي «الْوَسِيطِ» أَنَّهُ لَا يُجَابُ فِي الصُّورَتَيْنِ ; لِأَنَّهُ رُبَّمَا وَطِئَ فَتَتَضَرَّرَانِ، بِخِلَافِ الْحَائِضِ، فَإِنَّهَا لَا تَتَضَرَّرُ لَوْ وَطِئَ.
وَلَهُ أَنْ يَمْتَنِعَ مِنْ تَسَلُّمِ الصَّغِيرَةِ ; لِأَنَّهُ نَكَحَ لِلِاسْتِمْتَاعِ لَا لِلْحَضَانَةِ. وَفِي الْمَرِيضَةِ وَجْهَانِ. قَالَ فِي «الشَّامِلِ» : الْأَقْيَسُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ الِامْتِنَاعُ، كَمَا لَيْسَ لَهُ أَنْ يُخْرِجَهَا مِنْ دَارِهِ إِذَا مَرِضَتْ.
وَإِذَا تَسَلَّمَ الْمَرِيضَةَ، فَعَلَيْهِ النَّفَقَةُ لَا كَالصَّغِيرَةِ ; لِأَنَّ الْمَرَضَ عَارِضٌ مُتَوَقَّعُ الزَّوَالِ. وَلَوْ كَانَتِ الْمَرْأَةُ نَحِيفَةً بِالْجِبِلَّةِ، فَلَيْسَ لَهَا الِامْتِنَاعُ بِهَذَا الْعُذْرِ ; لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَوَقَّعِ الزَّوَالِ كَالرَّتْقَاءِ. ثُمَّ إِنْ خَافَتِ الْإِفْضَاءَ لَوْ وُطِئَتْ لِعَبَالَةِ الزَّوْجِ، فَلَيْسَ عَلَيْهَا التَّمْكِينُ مِنَ الْوَطْءِ. قَالَ الْأَئِمَّةُ: وَلَيْسَ لَهُ الْفَسْخُ، بِخِلَافِ الرَّتْقِ ; لِأَنَّهُ يَمْنَعُ الْوَطْءَ مُطْلَقًا، وَالنَّحَافَةُ لَا تَمْنَعُ وَطْءَ نَحِيفٍ مِثْلِهَا، وَلَيْسَ ذَلِكَ بِعَيْبٍ أَيْضًا. وَلَوْ وَطِئَ زَوْجَتَهُ فَأَفْضَاهَا، فَلَيْسَ لَهُ الْعَوْدُ إِلَى وَطْئِهَا حَتَّى تَبْرَأَ الْبُرْءَ الَّذِي لَوْ عَادَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute