بَيْنَ الصَّدَاقِ وَصُورَةِ الْإِفْلَاسِ، بِأَنَّ غَرِيمَ الْمُفْلِسِ لَوْ مَنَعْنَاهُ الرُّجُوعَ إِلَى الْعَيْنِ، لَمْ يَتِمَّ لَهُ الثَّمَنُ لِمُزَاحَمَةِ الْغُرَمَاءِ، وَهُنَا إِذَا لَمْ تُسَلِّمِ الْعَيْنَ، سَلَّمَتِ الْقِيمَةَ بِتَمَامِهَا، فَلَا ضَرَرَ، حَتَّى لَوْ كَانَتْ مَحْجُورًا عَلَيْهَا بِفَلَسٍ عِنْدَ الطَّلَاقِ وَلَوْ تَرَكَ الْعَيْنَ لَاحْتَاجَ إِلَى الْمُضَارَبَةِ، قَالَ: يَرْجِعُ إِلَى الْعَيْنِ بِزِيَادَتِهَا بِغَيْرِ رِضَاهَا. وَعَوَّلَ الْأَكْثَرُونَ عَلَى الْفَرْقِ الْأَوَّلِ، وَمَنَعُوا اسْتِقْلَالَهُ بِالرُّجُوعِ وَإِنْ كَانَتْ مَحْجُورًا عَلَيْهَا، وَاعْتَبَرُوا فِي الرُّجُوعِ حِينَئِذٍ رِضَاهَا وَرِضَى الْغُرَمَاءِ. وَحَكَى الْإِمَامُ وَجْهًا أَنَّ كَوْنَهَا مَحْجُورًا عَلَيْهَا، يَمْنَعُ الرُّجُوعَ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ زِيَادَةً، لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْغُرَمَاءِ قَبْلَ ثُبُوتِ الرُّجُوعِ، وَالزَّوَائِدُ الْمُنْفَصِلَةُ وَالْمُتَّصِلَةُ فِيمَا سِوَى الطَّلَاقِ مِنَ الْأَسْبَابِ الْمُشَطِّرَةِ كَهِيَ فِي الطَّلَاقِ.
وَأَمَّا مَا يُوجِبُ عَوْدَ جَمِيعِ الصَّدَاقِ إِلَى الزَّوْجِ، فَيُنْظَرُ فِيهِ، إِنْ كَانَ سَبَبُهُ عَارِضًا كَالرَّضَاعِ وَرِدَّتِهَا، فَكَذَلِكَ الْحُكْمُ. وَفِي رِدَّتِهَا وَجْهٌ أَنَّ الزَّوْجَ يَسْتَقِلُّ بِالرُّجُوعِ فِي الزَّوَائِدِ الْمُتَّصِلَةِ. وَإِنْ كَانَ السَّبَبُ مُقَارِنًا كَالْفَسْخِ بِعَيْبِهِ أَوْ عَيْبِهَا، فَالَّذِي قَطَعَ بِهِ الْجُمْهُورُ أَنَّهُ يَعُودُ بِزِيَادَتِهِ إِلَى الزَّوْجِ، وَلَا حَاجَةَ إِلَى رِضَاهَا كَفَسْخِ الْبَيْعِ بِالْعَيْبِ. وَقَالَ الْمُتَوَلِّي: إِنْ قُلْنَا فِي الْفَسْخِ بَعْدَ الدُّخُولِ: يَبْقَى الْمُسَمَّى لَهَا، فَهُوَ كَمَا لَوْ كَانَ السَّبَبُ عَارِضًا. وَإِنْ قُلْنَا: يُوجِبُ مَهْرَ الْمِثْلِ، فَهَلْ يَسْتَنِدُ الْفَسْخُ إِلَى أَصْلِ الْعَقْدِ وَيَرْفَعُ أَصْلَهُ، أَمْ لَا؟ فِيهِ خِلَافٌ. إِنْ قُلْنَا: لَا، فَالْحُكْمُ كَمَا سَبَقَ، وَإِنْ قُلْنَا: نَعَمْ، عَادَ الصَّدَاقُ إِلَيْهِ بِزَوَائِدِهِ الْمُتَّصِلَةِ وَالْمُنْفَصِلَةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute