فَالْمَعْدُولُ إِلَيْهِ نِصْفُ قِيمَةِ الْجَارِيَةِ، وَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا إِجْبَارُ الْآخَرِ. وَحَكَى الْحَنَّاطِيُّ وَجْهًا، أَنَّ الزَّوْجَ يُجْبَرُ إِذَا رَضِيَتْ بِرُجُوعِهِ إِلَى نِصْفِ الْجَارِيَةِ حَامِلًا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحَمْلَ لَا يُعْرَفُ، وَمُقْتَضَى هَذَا أَنْ تُجْبَرَ هِيَ أَيْضًا إِذَا رَغِبَ الزَّوْجُ فِي نِصْفِهَا حَامِلًا، وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ. وَأَمَّا الْحَمْلُ فِي الْبَهِيمَةِ، فَكَالْجَارِيَةِ. وَقِيلَ: زِيَادَةٌ مَحْضَةٌ، إِذْ لَا خَطَرَ فِيهِ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ ; لِأَنَّهُ لَا يَحْمِلُ عَلَيْهَا حَامِلًا مَا يَحْمِلُ حَائِلًا، وَلِأَنَّ لَحْمَ الْحَامِلِ أَرْدَأُ.
فَرْعٌ
أَصْدَقَهَا أَرْضًا فَحَرَثَتْهَا، فَإِنْ كَانَتِ الْأَرْضُ مُعَدَّةً لِلزِّرَاعَةِ، فَزِيَادَةٌ مَحْضَةٌ. وَإِنْ كَانَتْ مُعَدَّةً لِلْبِنَاءِ، فَنَقْصٌ مَحْضٌ، فَحِينَئِذٍ إِنْ أَرَادَ الرُّجُوعَ إِلَى نِصْفِ عَيْنِهَا، مَكَّنَ، وَإِنْ أَبَى، رَجَعَ إِلَى نِصْفِ الْقِيمَةِ بِلَا حِرَاثَةٍ. وَإِنْ زَرَعَتْهَا، فَنَقْصٌ مَحْضٌ، فَإِنِ اتَّفَقَا عَلَى الرُّجُوعِ إِلَى نِصْفِ الْعَيْنِ وَتَرْكِ الزَّرْعِ إِلَى الْحَصَادِ، فَذَاكَ. قَالَ الْإِمَامُ: وَعَلَيْهِ إِبْقَاؤُهُ بِلَا أُجْرَةٍ ; لِأَنَّهَا زَرَعَتْ مِلْكَهَا الْخَالِصَ. وَإِنْ رَغِبَ فِيهَا الزَّوْجُ وَامْتَنَعَتْ، أُجْبِرَتْ. وَإِنْ رَغِبَتْ هِيَ، فَلَهُ الِامْتِنَاعُ، وَيَأْخُذُ نِصْفَ قِيمَةِ الْأَرْضِ. فَإِنْ قَالَتْ: خُذْ نِصْفَ الْأَرْضِ مَعَ نِصْفِ الزَّرْعِ، فَفِي إِجْبَارِهِ طَرِيقَانِ.
أَحَدُهُمَا: وَجْهَانِ كَمَا سَنَذْكُرُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي الثِّمَارِ. وَالثَّانِي: الْقَطْعُ بِالْمَنْعِ ; لِأَنَّ الزَّرْعَ لَيْسَ مِنْ عَيْنِ الصَّدَاقِ، بِخِلَافِ الثَّمَرَةِ، وَالْمَذْهَبُ الْمَنْعُ كَيْفَ كَانَ. وَإِنْ طَلَّقَهَا بَعْدَ الْحَصَادِ، وَبَقِيَ فِي الْأَرْضِ أَثَرُ الْعِمَارَةِ، وَكَانَتْ تَصْلُحُ لِمَا لَا تَصْلُحُ لَهُ قَبْلَ الزِّرَاعَةِ، فَهِيَ زِيَادَةٌ مَحْضَةٌ وَلَوْ غَرَسَتْهَا، فَكَمَا لَوْ زَرَعَتْهَا. لَكِنْ لَوْ أَرَادَ أَنْ يَرْجِعَ فِي نِصْفِ الْأَرْضِ وَيَتْرُكَ الْغِرَاسَ، فَفِيهِ وَجْهٌ أَنَّهَا لَا تُجْبَرُ ; لِأَنَّ الْغِرَاسَ لِلتَّأْبِيدِ. وَفِي إِبْقَائِهِ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ ضَرَرٌ. وَلَوْ طَلَّقَهَا وَالْأَرْضُ مَزْرُوعَةٌ أَوْ مَغْرُوسَةٌ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute