عِنْدَهَا، فَيُنْظَرُ، إِنْ تَبَرَّعَ مُسْتَحِقُّ الدَّيْنِ بِإِسْقَاطِهِ، نُفِّذَ بِلَفْظِ الْعَفْوِ وَالْإِبْرَاءِ وَالْإِسْقَاطِ وَالتَّرْكِ. وَحَكَى الْحَنَّاطِيُّ وَجْهَيْنِ فِي أَنَّ لَفْظَ التَّرْكِ، صَرِيحٌ أَوْ كِنَايَةٌ؟ وَلَا حَاجَةَ فِي هَذِهِ الْأَلْفَاظِ إِلَى قَبُولِ مَنْ عَلَيْهِ عَلَى الصَّحِيحِ، وَيُنَفَّذُ أَيْضًا بِلَفْظِ الْهِبَةِ وَالتَّمْلِيكِ، وَفِيهِمَا وَجْهٌ حَكَاهُ ابْنُ كَجٍّ. وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ. وَهَلْ يَفْتَقِرُ اللَّفْظَانِ إِلَى الْقَبُولِ؟ وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: لَا، وَبِهِ قَطَعَ الْبَغَوِيُّ اعْتِمَادًا عَلَى حَقِيقَةِ التَّصَرُّفِ وَهُوَ الْإِسْقَاطُ. أَمَّا إِذَا تَبَرَّعَ مَنْ فِي ذِمَّتِهِ بِالنِّصْفِ الْآخَرِ، فَالطَّرِيقُ أَنْ يَنْقِلَ وَيَمْلِكَهُ وَيَقْبَلَهُ صَاحِبُهُ وَيَقْبِضَهُ، فَإِنَّهُ ابْتِدَاءُ هِبَةٍ، وَلَا يَنْتَظِمُ لَفْظُ الْعَفْوِ وَالْإِبْرَاءِ مِنْ جِهَتِهِ. لَكِنْ لَوْ كَانَ الصَّدَاقُ فِي ذِمَّةِ الزَّوْجِ، وَقُلْنَا: لَا يُشْتَرَطُ إِلَّا بِاخْتِيَارِهِ، فَقَالَ: عَفَوْتُ، سَقَطَ اخْتِيَارُهُ كَعَفْوِهِ عَنِ الشُّفْعَةِ، وَيَبْقَى جَمِيعُ الصَّدَاقِ لَهَا فِي ذِمَّتِهِ.
أَمَّا إِذَا كَانَ الصَّدَاقُ عَيْنًا، فَالتَّبَرُّعُ فِيهَا هِبَةٌ. فَإِنْ كَانَتْ فِي يَدِ الْمُتَبَرِّعِ، اشْتُرِطَ الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ وَالْقَبْضُ. وَإِنْ كَانَتْ فِي يَدِ الْآخَرِ، فَهُوَ هِبَةٌ لِمَنِ الْمَالُ فِي يَدِهِ، فَتُعْتَبَرُ مُدَّةُ إِمْكَانِ الْقَبْضِ. وَفِي افْتِقَارِهِ إِلَى إِذْنٍ جَدِيدٍ، فِي الْقَبْضِ بِهَذِهِ الْجِهَةِ خِلَافٌ سَبَقَ فِي (كِتَابِ الرَّهْنِ) . وَإِنْ كَانَتِ الْعَيْنُ عِنْدَ الطَّلَاقِ فِي يَدِ الزَّوْجِ، فَذَلِكَ قَدْ يَكُونُ بَعْدَ قَبْضِهَا، وَقَدْ يَكُونُ بِاسْتِمْرَارِ يَدِهِ السَّابِقَةِ قَبْلَ الْإِصْدَاقِ. وَعَلَى التَّقْدِيرِ الثَّانِي، يَزِيدُ النَّظَرُ فِي أَنَّ تَبَرُّعَهَا كَهِبَةِ الْمَبِيعِ لِلْبَائِعِ قَبْلَ الْقَبْضِ إِذَا قُلْنَا: الصَّدَاقُ فِي يَدِهِ مَضْمُونٌ ضَمَانَ الْعُقُودِ، ثُمَّ التَّبَرُّعُ فِي الْعَيْنِ يُنَفَّذُ بِلَفْظِ الْهِبَةِ وَالتَّمْلِيكِ، وَلَا يُنَفَّذُ بِلَفْظِ الْإِبْرَاءِ وَالْإِسْقَاطِ عَلَى الْمَذْهَبِ.
وَحَكَى الْحَنَّاطِيُّ فِيهِمَا وَجْهَيْنِ. وَيُنَفَّذُ بِلَفْظِ الْعَفْوِ عَلَى الْأَصَحِّ لِظَاهِرِ الْقُرْآنِ، هَذَا فِي تَبَرُّعِهَا وَتَبَرُّعِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute