للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عِنْدَ تَذَكُّرِهِ وَيَسْجُدَ لِلسَّهْوِ. وَإِنْ عَادَ جَاهِلًا بِتَحْرِيمِهِ، فَالْأَصَحُّ: أَنَّهُ كَالنَّاسِي. وَالثَّانِي: كَالْعَامِدِ. هَذَا حُكْمُ الْمُنْفَرِدِ. وَالْإِمَامُ فِي مَعْنَاهُ، فَلَا يَرْجِعُ بَعْدَ الِانْتِصَابِ. وَلَا يَجُوزُ لِلْمَأْمُومِ أَنْ يَتَخَلَّفَ لِلتَّشَهُّدِ. فَإِنْ فَعَلَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ. فَإِنْ نَوَى مُفَارَقَتَهُ لِيَتَشَهَّدَ، جَازَ وَكَانَ مُفَارِقًا بِعُذْرٍ. وَلَوِ انْتَصَبَ مَعَ الْإِمَامِ، فَعَادَ الْإِمَامُ، لَمْ يَجُزْ لِلْمَأْمُومِ الْعَوْدُ، بَلْ يَنْوِي مُفَارَقَتَهُ. وَهَلْ يَجُوزُ أَنْ يَنْتَظِرَهُ قَائِمًا حَمْلًا عَلَى أَنَّهُ عَادَ نَاسِيًا؟ وَجْهَانِ سَبَقَ مِثْلُهُمَا فِي التَّنَحْنُحِ.

قُلْتُ: فَإِنْ عَادَ الْمَأْمُومُ مَعَ الْإِمَامِ، عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ، بَطَلَتْ صَلَاتُهُ. وَإِنْ عَادَ نَاسِيًا، أَوْ جَاهِلًا، لَمْ تَبْطُلْ. وَلَوْ قَعَدَ الْمَأْمُومُ، فَانْتَصَبَ الْإِمَامُ ثُمَّ عَادَ، لَزِمَ الْمَأْمُومَ الْقِيَامُ، لِأَنَّهُ تَوَجَّهَ عَلَيْهِ بِانْتِصَابِ الْإِمَامِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَلَوْ قَعَدَ الْإِمَامُ لِلتَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ، وَقَامَ الْمَأْمُومُ نَاسِيًا، أَوْ نَهَضَا، فَتَذَكَّرَ الْإِمَامُ، فَعَادَ قَبْلَ الِانْتِصَابِ وَانْتَصَبَ الْمَأْمُومُ، فَثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ أَصَحُّهَا: يَجِبُ عَلَى الْمَأْمُومِ الْعَوْدُ إِلَى التَّشَهُّدِ لِمُتَابَعَةِ الْإِمَامِ. فَإِنْ لَمْ يَعُدْ، بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، صَحَّحَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ، وَمُتَابِعُوهُ، وَقَطَعَ بِهِ صَاحِبُ (التَّهْذِيبِ) . وَالثَّانِي: يَحْرُمُ الْعَوْدُ. وَالثَّالِثُ: يَجُوزُ، وَلَا يَجِبُ. وَلَوْ قَامَ الْمَأْمُومُ قَاصِدًا، فَقَدْ قَطَعَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ: بِأَنَّهُ يَحْرُمُ الْعَوْدُ. كَمَا لَوْ رَكَعَ قَبْلَ الْإِمَامِ، أَوْ رَفَعَ رَأْسَهُ قَبْلَهُ عَمْدًا، يَحْرُمُ الْعَوْدُ. فَإِنْ عَادَ، بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، لِأَنَّهُ زَادَ رُكْنًا عَمْدًا. فَلَوْ فَعَلَ ذَلِكَ سَهْوًا، بِأَنْ سَمِعَ صَوْتًا، فَظَنَّ أَنَّ الْإِمَامَ رَكَعَ، فَرَكَعَ، فَبَانَ أَنَّهُ لَمْ يَرْكَعْ، فَقَالَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ: فِي جَوَازِ الرُّكُوعِ وَجْهَانِ. وَقَالَ صَاحِبُ (التَّهْذِيبِ) وَآخَرُونَ: فِي وُجُوبِ الرُّجُوعِ وَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: يَجِبُ. فَإِنْ لَمْ يَرْجِعْ، بَطَلَتْ صَلَاتُهُ. وَالْأَصَحُّ: أَنَّهُ لَا يَجِبُ، بَلْ يَتَخَيَّرُ بَيْنَ الرُّجُوعِ وَعَدَمِهِ. وَلِلنِّزَاعِ فِي صُورَةِ قَصْدِ الْقِيَامِ، مَجَالٌ ظَاهِرٌ، لِأَنَّ أَصْحَابَنَا الْعِرَاقِيِّينَ أَطْبَقُوا عَلَى أَنَّهُ لَوْ رَكَعَ قَبْلَ الْإِمَامِ عَمْدًا، اسْتُحِبَّ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى الْقِيَامِ لِيَرْكَعَ مَعَ الْإِمَامِ، فَجَعَلُوهُ مُسْتَحَبًّا.

<<  <  ج: ص:  >  >>