الْقَسْمُ الثَّانِي: تُعْتَقُ فِي نَوْبَةِ نَفْسِهَا، فَإِنْ عَتَقَتْ قَبْلَ تَمَامِ لَيْلَتِهَا، كَمَّلَ لَهَا لَيْلَتَيْنِ لِالْتِحَاقِهَا بِالْحُرَّةِ، وَحَكَى الْحَنَّاطِيُّ وَغَيْرُهُ وَجْهًا، أَنَّهَا لَا تَسْتَحِقُّ إِلَّا لَيْلَةً، نَظَرًا إِلَى الِابْتِدَاءِ. وَإِنْ عَتَقَتْ بَعْدَ تَمَامِ لَيْلَتِهَا، لَمْ تَسْتَحِقَّ إِكْمَالَ لَيْلَتَيْنِ، بَلْ يَقْتَصِرُ فِي تِلْكَ النَّوْبَةِ عَلَى تِلْكَ اللَّيْلَةِ، ثُمَّ يُسَوِّي بَيْنَهُمَا.
وَهَلِ الْعِتْقُ فِي يَوْمِهَا التَّالِي لَيْلَتَهَا كَعِتْقِهَا فِي لَيْلَتِهَا؟ حُكِيَ عَنْ إِمَامِ الْحَرَمَيْنِ فِيهِ وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِكَلَامِ الْجُمْهُورِ: الْمَنْعُ لِأَنَّهُ تَابِعٌ.
الْحَالَةُ الثَّانِيَةُ: بَدَأَ بِالْأَمَةِ فَعَتَقَتْ فِي نَوْبَتِهَا، صَارَتْ كَالْحُرَّةِ فَيُسَوِّي بَيْنَهُمَا وَإِنْ عَتَقَتْ بَعْدَ تَمَامِ نَوْبَتِهَا، فَوَجْهَانِ.
أَحَدُهُمَا: يَبِيتُ عِنْدَ الْحُرَّةِ لَيْلَتَيْنِ، ثُمَّ يُسَوِّي بَعْدَ ذَلِكَ، وَبِهَذَا قَطَعَ الْإِمَامُ، وَالْمُتَوَلِّي، وَالْغَزَالِيُّ، وَالسَّرَخْسِيُّ، وَمَنَعَ الْبَغَوِيُّ تَكْمِيلَ اللَّيْلَتَيْنِ وَقَالَ: إِنْ عَتَقَتْ فِي الْأُولَى مِنْ لَيْلَتَيِ الْحُرَّةِ، أَتَمَّهَا وَاقْتَصَرَ عَلَيْهَا، وَإِنْ عَتَقَتْ فِي الثَّانِيَةِ، خَرَجَ مِنْ عِنْدِهَا فِي الْحَالِ. وَعَلَى نَحْوِ هَذَا جَرَى الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَأَصْحَابُهُ وَصَاحِبُ «الْمُهَذَّبِ» .
فَرْعٌ
ذَكَرَ ابْنُ كَجٍّ وَالشَّيْخُ أَبُو الْفَرَجِ وَغَيْرُهُمَا، أَنَّ الْأَمَةَ إِنَّمَا تَسْتَحِقُّ الْقَسْمَ إِذَا اسْتَحَقَّتِ النَّفَقَةَ [وَ] فِي نَصِّ الشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِشَارَةٌ إِلَيْهِ، وَقَدْ بَيَّنَّا فِي «كِتَابِ النِّكَاحِ» مَتَى تَجِبُ نَفَقَتُهَا.
إِسْقَاطُ حَقِّ الْقَسْمِ بِهِبَتِهِ لِلزَّوْجِ، أَوْ لِضَرَّةِ الْأَمَةِ لَا لِلسَّيِّدِ؛ لِأَنَّ مُعْظَمَ الْحَظِّ فِي الْقَسْمِ لَهَا، كَمَا أَنَّ خِيَارَ الْعَيْبِ لَهَا لَا لَهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute