للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْإِيجَابَ وَالْقَبُولَ تَعَلَّقَا بِهِ.

وَالثَّانِي عَنِ ابْنِ سُرَيْجٍ: أَنَّهُ يَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ لِاخْتِلَافِ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ. وَإِنْ أَتَى الزَّوْجُ بِصِيغَةِ تَعْلِيقٍ، نُظِرَ، إِنْ قَالَ: مَتَى أَعْطَيْتِنِي، أَوْ مَتَى مَا، أَوْ أَيَّ وَقْتٍ، أَوْ حِينٍ، أَوْ زَمَانٍ، غَلَبَ مَعْنَى التَّعْلِيقِ وَثَبَتَتْ أَحْكَامُهُ، وَجُعِلَ كَالتَّعْلِيقِ بِسَائِرِ الْأَوْصَافِ، حَتَّى لَا يَحْتَاجَ إِلَى قَبُولٍ بِاللَّفْظِ، وَلَا يُشْتَرَطَ الْإِعْطَاءُ فِي الْمَجْلِسِ، بَلْ مَتَى وُجِدَ الْإِعْطَاءُ طُلِّقَتْ، وَلَيْسَ لِلزَّوْجِ الرُّجُوعُ قَبْلَ الْإِعْطَاءِ، وَإِنْ قَالَ: إِنْ أَعْطَيْتِنِي، أَوْ إِذَا أَعْطَيْتِنِي كَذَا فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَلَهُ بَعْضُ أَحْكَامِ التَّعْلِيقِ، فَلَا يَحْتَاجُ إِلَى الْقَبُولِ لَفْظًا، وَلَا رُجُوعَ لِلزَّوْجِ قَبْلَ الْإِعْطَاءِ.

وَقِيلَ: يَجُوزُ لَهُ الرُّجُوعُ قَبْلَ الْإِعْطَاءِ، حَكَاهُ الْبَغَوِيُّ، وَقَطَعَ بِهِ صَاحِبُ «الْمُهَذَّبِ» ، وَيَقْرُبُ مِنْهُ مَا حَكَاهُ ابْنُ كَجٍّ عَنِ ابْنِ سَلَمَةَ، أَنَّ الزَّوْجَ بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَنْ لَا يَقْبَلَ الْأَلْفَ الَّذِي أَحْضَرَتْهُ، وَبَيْنَ أَنْ يَقْبَلَ.

وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ، وَلَهُ بَعْضُ أَحْكَامِ الْمُعَاوَضَةِ وَهُوَ اشْتِرَاطُ الْإِعْطَاءِ فِي الْمَجْلِسِ. وَاخْتَارَ صَاحِبُ الْمُهَذَّبِ إِلْحَاقَ «إِذَا» بِـ «مَتَى» ، وَأَلْحَقَهَا الْجُمْهُورُ بِـ «أَنْ» كَمَا ذَكَرْنَا.

وَحُكِيَ وَجْهٌ، أَنَّ كَلِمَةَ «إِنْ» كَـ «مَتَى» فِي أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ تَعْجِيلُ الْإِعْطَاءِ وَهُوَ شَاذٌّ. ثُمَّ قَالَ الْمُتَوَلِّي: اشْتِرَاطُ الْإِعْطَاءِ عَلَى الْفَوْرِ مَخْصُوصٌ بِالزَّوْجَةِ الْحُرَّةِ فَإِنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ الْأَمَةِ: إِنْ أَعْطَيْتِنِي أَلْفًا، فَأَنْتِ طَالِقٌ، وَقَعَ الطَّلَاقُ مَتَى أَعْطَتْهُ الْأَلْفَ وَإِنْ طَالَ الزَّمَانُ؛ لِأَنَّهَا لَا تَقْدِرُ عَلَى الْإِعْطَاءِ فِي الْمَجْلِسِ غَالِبًا، بِخِلَافِ مَا إِذَا قَالَ: إِنْ أَعْطَيْتِنِي زِقَّ خَمْرٍ فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَإِنَّهُ يُشْتَرَطُ الْفَوْرُ وَإِنْ لَمْ تَمْلِكِ الْخَمْرَ؛ لِأَنَّ يَدَهَا قَدْ تَشْمَلُ عَلَى خَمْرٍ.

قَالَ: وَلَوْ أَعْطَتْهُ الْأَمَةُ أَلْفًا مِنْ كَسْبِهَا، حَصَلَتِ الْبَيْنُونَةُ لِوُجُودِ الصِّفَةِ، وَعَلَيْهِ رَدُّ الْمَالِ إِلَى سَيِّدِهَا وَيُطَالِبُهَا بِمَهْرِ الْمِثْلِ إِذَا عَتَقَتْ.

فَرْعٌ

الْمُرَادُ بِالْمَجْلِسِ الَّذِي يُشْتَرَطُ فِيهِ الْإِعْطَاءُ مَجْلِسُ التَّوَاجُبِ وَهُوَ مَا يَحْصُلُ بِهِ الِارْتِبَاطُ بَيْنَ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ، وَلَا نُظِرَ إِلَى مَكَانِ الْعَقْدِ.

وَفِي وَجْهٍ حَكَاهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>