تَذَكَّرَ قَبْلَ الْقِيَامِ أَنَّهَا ثَالِثَةٌ، أَوْ رَابِعَةٌ، فَلَا يَسْجُدُ، لِأَنَّ مَا فَعَلَهُ عَلَى الشَّكِّ لَا بُدَّ مِنْهُ عَلَى التَّقْدِيرَيْنِ. فَإِنْ لَمْ يَتَذَكَّرْ حَتَّى قَامَ، سَجَدَ لِلسَّهْوِ وَإِنْ تَيَقَّنَ أَنَّ الَّتِي قَامَ إِلَيْهَا رَابِعَةٌ، لِأَنَّ احْتِمَالَ الزِّيَادَةِ وَكَوْنَهَا خَامِسَةً كَانَ ثَابِتًا حِينَ قَامَ.
قُلْتُ: وَلَوْ شَكَّ الْمَسْبُوقُ، هَلْ أَدْرَكَ رُكُوعَ الْإِمَامِ، أَمْ لَا؟ فَسَيَأْتِي فِي بَابِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، لِأَنَّهُ لَا تُحْسَبُ لَهُ هَذِهِ الرَّكْعَةُ. قَالَ الْغَزَالِيُّ فِي (الْفَتَاوَى) : فَعَلَى هَذَا يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ، كَمَا لَوْ شَكَّ، هَلْ صَلَّى ثَلَاثًا، أَمْ أَرْبَعًا؟ هَذَا الَّذِي قَالَهُ الْغَزَالِيُّ ظَاهِرٌ. وَلَا يُقَالُ: يَتَحَمَّلُهُ عَنْهُ الْإِمَامُ، لِأَنَّ هَذَا الشَّخْصَ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ شَاكٌّ فِي عَدَدِ رَكَعَاتِهِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
فَرْعٌ
إِذَا شَكَّ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ فِي عَدَدِ الرَّكَعَاتِ، أَوْ فِي فِعْلِ رُكْنٍ، فَالْأَصْلُ: أَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْ، فَيَجِبُ الْبِنَاءُ عَلَى الْيَقِينِ، كَمَا تَقَدَّمَ. وَإِنْ وَقَعَ هَذَا الشَّكُّ بَعْدَ السَّلَامِ، فَالْمَذْهَبُ: أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَلَا أَثَرَ لِهَذَا الشَّكِّ. وَقِيلَ: فِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ أَحَدُهَا: هَذَا. وَالثَّانِي: يَجِبُ الْأَخْذُ بِالْيَقِينِ. فَإِنْ كَانَ الْفَصْلُ قَرِيبًا بَنَى. وَإِنْ طَالَ اسْتَأْنَفَ. وَالثَّالِثُ: إِنْ قَرُبَ الْفَصْلُ، وَجَبَ الْبِنَاءُ. وَإِنْ طَالَ، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. وَأَمَّا ضَبْطُ طُولِ الْفَصْلِ، فَيَحْتَاجُ إِلَيْهِ هُنَا وَفِيمَا إِذَا تَيَقَّنَ أَنَّهُ تَرَكَ رُكْنًا، وَذَكَرَهُ بَعْدَ السَّلَامِ. وَفِي قَدْرِهِ قَوْلَانِ أَظْهَرُهُمَا، نَصَّهُ فِي (الْأُمِّ) : يَرْجِعُ فِيهِ إِلَى الْعُرْفِ. وَالثَّانِي، نَصَّهُ فِي (الْبُوَيْطِيِّ) : أَنَّ الطَّوِيلَ مَا يَزِيدُ عَلَى قَدْرِ رَكْعَةٍ. وَلَنَا وَجْهٌ: أَنَّ الطَّوِيلَ: قَدْرُ الصَّلَاةِ الَّتِي هُوَ فِيهَا. ثُمَّ إِذَا جَوَّزْنَا الْبِنَاءَ، فَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَتَكَلَّمَ بَعْدَ السَّلَامِ، أَوْ يَخْرُجَ مِنَ الْمَسْجِدِ وَيَسْتَدْبِرَ الْقِبْلَةَ، وَبَيْنَ أَنْ لَا يَفْعَلَ ذَلِكَ. وَلَنَا وَجْهٌ ضَعِيفٌ: أَنَّ الْقَدْرَ الْمَنْقُولَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute